قالوا: نجيب إلى كتاب الله، ونثيب إليه، فقال على - رضى الله عنه - : ما رفعوها إلا خديعة! فقالوا له : ما يسعنا أن ندعى الى كتاب الله فنأبى أن نقبله، فقال : إنى إنما أقاتلهم بحكم الكتاب، فقال له مسعر بن فدكى التميمى وزيد بن حصين الطائى فى عصابة معهما من القراء الذين صاروا خرارج بعد ذلك : يا على أجب إلى كتاب الله إذا دعيت إليه ، وإلا ندفعك برمتك إلى القوم، أو نفعل ما فعلنا بابن عفان؛ إنه أبى علينا أن نعمل بما في كتاب لله فقتلناه، والله لتفعلنها او لنفعلنها بك، قال : أما أنا فإن تطيعونى تقاتلوا، وإن تعصونى فاصنعوا ما بدا لكم، قالوا: فابعث إلى الأشتر فليأتك، فأرسل إليه، فقال للرسول: إنى قد رجوت أن يفتح الله لى فلا تعجلنى، فارتفع الرهج من قبل الأشتر، فقال القوم : ما نراك أمرته إلا بالقتال؛ فقال : هل رأيتمونى ساررته؟ قالوا: فابعث إليه فليأتك، والا اعتزلناك، فبعث إليه : أقبل إلى؛ فإن الفتنة قد وقعت، فلما بلغه ذلك قال : لرفع المصاحف؟ قال : نعم، قال : أما والله لقد ظننت حين رفعت أنها ستوقع اختلافا وفرقة، فقال له الرسول : أتحب أن تظفرها هنا وتسلم أمير المؤمنين إلى عدوه؟! فأقبل حتى انتهى إليهم، فقال : يا أهل العراق، يا أهل الذل والوهن، أحين قهرتم القوم رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟! وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها؟! أمهلونى؛ فإنى قد رأيت النصر، فقالوا: إذا ندخل معك في خطيئتك، فقال: خدعتم والله فانخدعتم، فسبوه وسبهم، وقال التاس: قد قبلنا أن نجعل القرآن بيننا وبينهم حكما .
~~فقال الأشعث: يا معاوية، لأى شىء رفعتم هذه المصاحف؟ قال : لنرجع إلى أمر الله تبعثون رجلا ترضون به ، ونبعث منا رجلا، ثم نأخذ عليهما أن يعملا بما فى كتاب الله لا يعدوانه، ثم نتبع ما اتفقا عليه ، فجاء الأشعث إلى على فاخبره، فقال الناس: قد رضينا، فقال أهل الشام : فإنا قد اخترنا عمرو بن العاص ، فقال الأشعث - وأوليك الذين صاروا خوارج بعد - : فإنا رضينا بأبى موسى الأشعرى، فقال على : إنكم عصيتمونى فى أول الأمر، فلا تعصونى الآن ، إنى لا أرى أن أولى أبا موسى، فقال أولئك : إنا لا نرضى إلا به، قال : فهذا ابن عباس ، قالوا: لا نريد إلا رجلا هو منك ومن معاوية سواء، ليس إلى واحد منكما بأدنى منه إلى الآخر، قال : فإنى أجعل الأشتر، قالوا : وهل سعر الأرض غير الاشتر، قال: فاصنعوا ما شئتم، فقال الأحنف لعلى رضى الله عنه : إنك قد رميت بحجر الأرض ، فإنه لا يصلح لهزلاء القوم إلا رجل يدنو منهم حتى يصير فى أكفهم ، ويبعد حتى يصير بمنزلة النجم منهم ، فإن أبيت أن تجعلنى حكما فاجعلنى ثانيا أو ثالثا؛ فإنه لن يعقد حقدة إلا حللتها، ولن يحل عقدة أعقدها إلا عقدت لك أخرى أحكم منها، فأبى الناس ----
مخ ۷۰