ذكر خطبة الملك محمد بنات أمراء العربان
ثم إن الملك محمد ، صاحب تونس ، كتب إلى الشيخ ابي يحيى يأمره أن يخطب له ثلاث بنات من الثلاثة أفخاذ ، من كل أمير بنتأ ، كاينا ما كانت مليحة او قبيحة ، فقرئ الكتاب على العربان ، فقال بعضهم لبعض : " أنتم الظالمون وإلا امير المؤمنين رجل جيد وكريم" . ورفعت الرايات ، وزفت البنات في أحياء العربان فرحا باتصالهم إلى الملك . وكان الشيخ أبو يحيى قد احتوى على عقول العربان وخلبهم اواستولى على الرفيع منهم والوضيع ، مما كان يحدنهم به من علم السيمياء ، بما يعتمدون عليه مما يطرأ لهم وعليهم ، ويستتر في ذلك بعلم الرمل . فاشتد ميلهم إليه ، وكتبوا إلى الملك بأن يكون مقدمهم وحينئذ نعطيك بناتنا ، وإن مات فيكون ولده مكانه . فلما وصل الكتاب إلى الملك صاحب تونس ، طرب لذلك طربا شديدا ، لعلمه بتمكنه منهم ، وأمر لمحضر الكتاب بألف دينار عينا ، وعشرة أكسية حمر ، وعشرامن الابل ، وخمسة من الخيل ، وخمس جوار خدامات ، وجعل جامكية وجراية لمن يلوذ به . وقال : " تكون رسولا بيني وبينهم ، وذلك مقدمأ كما طلبوا ، وقد أعطيتك بلدأ يقال لها الحما تستغلها لتقوى بها" . فسار الرجل ، وقد رفع راية بيضاء لأمير المأمنين صاحب تونس . فلما وصل إلى العرب المذكورين ، ورأوا ما معه ، وسمعوا بما وعد به ، فتمنى كل واحد منهم أن يكون مكانه ، وانكفة شرهم عن البلاد ، وحصل بها من الأمن أضعاف ما كان بها من الخوف.
مخ ۱۹۴