313

============================================================

ذكر زكريا ويحىل عليهما الشلام الآيات 42 - 45] قال كانت آتام يحيى وعيسى معا وكان قصتهما وأمورهما مختلطة بعضها ببعض إلا أني أذكر قصة زكريا ويحيى بتمامها أولا ثم أصير إلى ذكر عيسى ليكون أسهل وأنه لما كبر يحيى وآتاه الله تعالى الحكمة والنبوة كما ذكرناه أنه كان أعبد أهل زمانه وأشدهم جهذا وأوفرهم عبادة وكان لا يلبس إلا المسوح، وذكر أنه دخل بيت المقدس وهو صبي فرأى العباد فيه وقد خرقوا تراقيهم وأدخلوا فيها السلاسل وأوثقوها بالسواري ولبسوا المسوح والبرانس فرجع إلى أمه وقال: يا أماه اتخذي لي مذرعة من صوفي ومسح وبرنسا كما رأيته للرهبان فقالت يا بني إنك صبي ضعيف لا تحتمل ذلك ولا يحتمل جسلك لباس المسوح، فقال: لا بد من ذلك فاعتذت له ما أراد فلبس المسح وألقى البرنس على وجهه ودخل بيت المقدس يتعبد مع العباد لا يأكل ولا يشرب إلا قليلا حتى اغتم أبواه لما يحمل على نفسه من ثقل العبادة وما داخل جسمه من النحول، فأتاه أبواه فقالا له في ذلك فقال: لا تمنعاني مما أنا فيه، ويروى أنه كان يبكي حتى أثر الدمع في خديه قال: فاتخذت له أمه قطعتي لبد فشدتهما على خديه لتسيل الدموع على اللبدتين، ويروى آنه نزع مسحه يوما من الأيام فنظر إلى ضعف بدنه وتحول جسمه رق لذلك، فأوحى الله تعالى إليه يا يحيى أتهتم لنحول جسمك والله لو نظرت نظرة إلى النار لصغر عندك كلما أنت فيه، ويروى أن أباه زكريا كان إذا أراد أن يعظ الناس نظر في مجلسه، فإن رآى يحيى لم يذكر جهنم لما علم أن قلبه لا يحتمل ذلك، وإذا لم يره ذكرها قال: فبينما هو يعظ الناس نظر هل يرى يحيى فلم يقع نظره عليه وكان يحيى في غمار الناس قد أدخل رأسه في مدرعته فقال زكريا: حدثني جبرائيل أن في النار جبلا يقال له سكران وفي ذلك الجبل واد يقال له غضبان يغضب بغضب الرحمن وفي ذلك الوادي جث عميق عمقه مائة عام، وفي ذلك الجب توابيت من نار في تلك التوابيت صناديق من نار، وفي تلك الصناديق لحف من تار فلما سمع ذلك يحيين صاح صيحة وهام على وجهه فنزل زكريا من مجلسه ودخل على امرأته وقال: يا آم يحيى آدركي يحيى فقد هام على وجهه وخرجا في طلبه ثلاثة أيام ثم إنهما وجداه في اليوم الرابع عند عقبة من عقبات بيت المقدس قاعذا عند عين من ماء قد دلي في الماء شاخصا ببصره إلى السماء، فأتياه وبكيا فقالت أمه: يا يحيى انصرف معنا إلى المنزل، فقال: يا آماه وما حاجتك إلي؟ فأقسمت عليه فرجع معهما وأنها هيأت له طعاما لتفطره والطعام من العدس ثم فرشت له فراشا ينام عليه فأقسمت عليه آن ينزع المسح ويلبس مدرعة اتخذت له من صوف ففعل، وأكل من الطعام ونام على ذلك الفراش فذهب به النوم ولم ينتبه إلى أن فاته ورده من الليل فلما انتبه نادى أمه فقال: يا أماه هذا فعلك ردي علي مدرعتي المسيحية فلا حاجة لي في مدرعتك هذه، قال زكريا لأمه يا أم يحيى دعي ابني يعمل ما

مخ ۳۱۳