305

============================================================

ذكر ما كان من فساد بني إسرائيل وتسليط العدو عليهم بيت المقدس فحملوها ورجعوا إلى بيت المقدس سالمين وقد عمره كورش الهمداتي وسنذكر قصته إذا فرغنا من قصة دانيال. قال وقد روي في الفتوح أن أبا موسى الأشعري حين فتح مدينة السوس(1) ودخل قصر ملكها فجعل يفتح خزانته حتى بلغ باب بيت مقفل فقال: افتحوه فقالوا: ليس فيه شيء من المال قال: وما الذي فيه؟ قالوا: شيء لا حاجة لك به فألح حتى فتح له فرأى فيه صخرة عظيمة منقورة كالحوض ورجل ميت مضطجع فيها كأعظم رجل فقاس موسى أنفه فإذا هو شبر فسأل عنه فقالوا: هذا دانيال الحكيم، قال: وكتب أبو موسى(4) إلى عمر رضي الله تعالى عنه فجمع الناس فسأل فلم يعرفوه حتى قال عبد الله(2) بن سلام نعم هو دانيال الحكيم من سبي بني إسرائيل الذين سباهم بخت نصر إلى أرض بابل، قال: وكيف وقع إلى السوس ويقال إن أبا موسى سأل أهل السوس كيف وقع دانيال إليكم قالوا: قحط أرضنا فسأل ملكنا ملك بابل أن يبعث إليه بدانيال يدعو لهم فبعثه إليهم فدعا فأرسل الله تعالى عليهم المطر بدعائه فحبسه ملكنا عنده فلما مات كفنه ووضعه في هذا الباب الذي ترى فنحن إذا أصابنا قحط أو بلاء كشفنا عنه ودعونا الله تعالى فيستجاب لنا بسببه، فكتب آبو موسى بذلك إلى عمر رضي الله تعالى عنه فبعث إليه عمر أن أخرجه من البيت وكفنه بأكفان جدد وادفنه فإن من سنة الاسلام الذفن ففعل ذلك أبو موسى وخاف أن يستخرجه أهل السوس إذا أخرجه عنهم فأمر بنهر السوس وهو واد عظيم حتى حول عن موضعه وأمر فحفر في الوادي قبره فدفن فيه دانيال وأطبق على الصخرة المنقورة التي هو فيها بالرصاص فلا يضره الماء ثم أجرى الماء عليه فهو الآن هنالك والله تعالى أعلم، قال: قد ذكر أن أهل الأخبار قالوا إن تسليط الله تعالى بخت نصر على بني إسرائيل كان عند قتلهم يحيى بن زكريا، والله تعالى أعلم أي ذلك كان كل قد روى وأما حديث كورش الهمداني وعمارته بيت المقدس فهو أن أباه كان ملك همدان ووقعت إليه امرأة من سبي بني إسرائيل فولدت له كورش فلما (1) السوسة: مدينة سوسة بلد بالمغرب، وهي مدينة عظيمة ومن السوسة يخرج إلى السوس الأقصى على ساحل البحر المحيط، ومن السوس الأقصى إلى القيروان وإلى ثلائة آلاف فرسخ يقطعها السالك، ومن القيروان إلى طرابلس مائة فرسخ ومن طرابلس إلى مصر ألف فرسخ، ياقوت الحموي، معجم البلدان 3/ 281.

(2) أبو موسى الأشعري تم التعريف به (3) عبد الله بن سلام بن الحارث الحبر آبو يوسف حليف الأنصار، أسلم وقت مقدم النبى ية المدينة، وفيه نزل قوله تعالى: وشهد شاهه من بنى إشرهيل على مثلو} (الأحقاف: الآية 10] وقوله تعالى : {ومن عنده علم الكتلب} (الرعد: الآية 43) وكان عبد الله عالم أهل الكتاب، وفاضلهم في زمانه بالمدينة توفي سنة (43 ه) بالمدينة، له ترجمة في ابن الأثير الجزري، أسد الغابة 264/3، ابن حجر، الاصابة 412/2، السيوطي، طبقات الحفاظ ص لا.

مخ ۳۰۵