============================================================
ذكر ما كان من فساد بني اسرائيل وتسليط العدو عليهم دانيال: ذلك ملك وكله الله تعالى بنا ليدفع عنا مضرة التار، وفي رواية الحسن أن القوم ألقوا دانيال وأصحابه بلا علم بخت نصر، فلما رآى بخت نصر حالهم اكثر من إكرامه لهم أولا، وفي بعض الروايات أن دانيال لم يكن ألقي في النار بل ألقي أصحابه فيها فلما خرجوا آكرمهم بخت نصر وجعلهم مع دانيال ثم بخت نصر رآى رؤيا هي آهول من الأولى ونسيها فدعا عظماء قومه فقال لهم: قد رأيت في مضجعي هذا رؤيا قد هالتني ولم أتحول من مضجعي ولكن نسيتها فأخبروني بها فقالوا: إنك قد اتخذت أسحر الناس فجعلته عتد رأسك فهو يريك الأحلام بسحره ويفزعك لينال منك الكرامة فشأنك به فإنك قد عشت زمانا لا ترى رؤيا تكرهها حتى صحبك هذا الساحر فقال بخت نصر وليس عنكم إلا هذا قالوا: لا، فأخرجهم من عنده ودعا بدانيال وأخبره برؤياه وبنسيانه لها وسأله هل عندك علمها؟ قال دانيال: أنظر فيها، فقام وصلى ركعتين ودعا الله تعالى أن يلهمه ذلك فألهمه الله تعالى فجاءه فقال عندي علم رؤياك أخبرني به ربي قال: رأيت شجرة عظيمة فروعها في السماء وعليها طير السماء وفي ظلها وحوش الأرض وسباعها كلها فبينما أنت تنظر إليها قد أعجبك حسنها وما عليها من الطير وفي ظلها الدواب إذ أقبل ملك يحمل فأسا يؤم الشجرة فناداه ملك آخر من فوقه إن الله يأمرك أن لا تستأصل هذه الشجرة، ولكن خذ بعضها وأبق بعضها فنظرت إلى الملك وهو يقطع عنها أغصانها ويفرق ما عليها من الطير وما تحتها من الوحوش وبقي جذعها قد تغير حسنه وخضرته قال بخت نصر هذه ما رأيت لم يغادر منها شيئا فما تأويلها؟ قال دانيال له: أنت الشجرة والطير العاكفة على الشجرة أهلك وولدك وحشمك وما كان تحتها وفي ظلها من الوحوش والسباع فرعاياك الذين في رعايتك وقد غضب الله تعالى عليك بسا وافقتهم من عمل الصنم وأمر الملك بأن يهلك ولا يستأصلك بل يبقي بعضك قال بخت نصر فكيف يفعل الله تعالى بي قال: إن الله تعالى يعرفك قدرته ويبتليك حتى لا يدع صورة من أجناس الخلق إلا مسخك على صورته فتلبث كذلك سبع سنين فإذا انقضت السبع حولك إنسانا كما كنت أول مرة قال بخت نصر ولا يقبل مني توبة إذ قد يبتليني كما ذكرت قال: لا، هذا شيء قضى الله تعالى به عليك فلما أخبره دانيال بذلك دخل بخت نصر بيته واعتزل ملكه وأهله وقومه وجعل ابنه مكانه وأمره أن يعمل بتدبير دانيال وأغلق عليه بابه وجعل يبكي سبعة أيام فغمه البكاء فطلع على سطح بيته كي يتروح من غمه فأنبت الله تعالى عليه ريشا وزغبا ومخاليب ومنقارا وجعله عقابا يقهر الطيور كلها حتى يحدث به الناس وقالوا: ظهر في السماء عقاب لا يقوم له شيء ثم صوره في صورة كل جنس وكان إذا صار في جنس قهر ذلك الجنس حتى تردده في الصور كلها سجع سنين وجعل دانيال يروض رعيته ويمنعهم من آمورهم شيئا ويقول: انه قد غاب بخت نصر وهو راجع
مخ ۳۰۳