============================================================
ذكر سليمان عليه الشلام القوم وكنا لمكمهم شهري [الأنبياء: الآية 78) قال أصحاب الأخبار إن رجلين دخلا على داود ويقال لأحدهما يوحنا وللآخر إيليا وكان إيليا صاحب حرث ويوحنا كان جاره وكان صاحب غنم، قال ابن عباس كان الحرث كرما وقيل: بل كان زرغا فنفشت غنم يوحنا في حرث إيليا ليلا فأفسدته فاختصما لداود فأمر أن ينظر ما كان لصاحب الحرث من الخسران فيجبر من غنم صاحب الغنم فنظر فإذا الغنم كلها يستوعبها خسران الحرث فأمر داود بتسليم الغنم كلها إلى صاحب الحرث، فلما خرجا من عنده كان سليمان بالباب فسألهما عن قضاء داود فأخبراه بذلك، فدخل سليمان على داود فقال: يا نبي الله أقضيت لهذا بغنم هذا كلها، قال: نعم، قال سليمان: لو كان غير ذلك لكان أصلح وأرفق قال: وما هي؟ قال: أرى أن تدفع غنم هذا إلى هذا فينال من نسلها وألبانها وصوفها ويرعاها ويحفظها وتدفع حرث هذا إلى هذا فيصلحه ويحرث له حتى يعود الحرث إلى ما كان عليه أولا ثم ترد الضيعة والحرث إلى صاحبها وترد الغنم إلى صاحبه فقال داود: لا ينزع الله عقلك وزادك فهما فأمر بما قال سليمان قال: كان ما قاله داود وهو الحكم في شريعتهم وما قال سليمان هو الرفق والصلح ولذلك قال الله تعالى: وكلا مالينا حكما وعلما} [الأنبياء: الآية 79] فأتى الله داود حكم القضاء والشرع، وأتى سليمان علم الصلاح والرفق فيجوز للحاكم أن يصلح بين الخصمين بما هو أرفق بهما، ولا يقطع الحكم بينهما إذا كان فيه ضرر على أحدهما، ولما أن يلغ سليمان مبلغ الزجال واستخلفه داود بامر الله تعالى على أمره قال الله تعالى : ل ولقذ مايتا داود وسلنمن طما وقالا الحمد لله الذى فضلنا على كثير من عبادو التوضين وويث سليمن داؤد وقال يكايتها الناس} [النمل: الآيتان 15، 16] حين قام مقام أبيه بعده: علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شى [النمل: الآية 16] يحتاج إليه في النبوة والملك ويروى أن داود كان يوما جالسا في مجلس وحوله علماء بني إسرائيل فقالوا في العقل فقال داود لسليمان يا بني ما العقل؟ قال سليمان: العقل صلاح عماد أمر الدين والدنيا جميعا، وهو يرد صاحبه إلى أحسن العواقب في الدارين فرضي داود قوله واستخلفه، ويروى أته كان يوم استخلفه ابن اثنتي عشرة سنة ولما توفي داود قام سليمان مقامه وسخر الله له الطير والريح والشياطين مع ما سخر الله له من الإنس، ويروى أنه كان إذا أراد الجلوس للناس جلس على سريره وكان له شرير عظيم وصفه وهب بن منبو ومقاتل بصفة طويلة لم نكتبها قال: وكان إذا أراد الجلوس وضع عن يمين كرسيه أربعمائة كرسي وكذلك عن يساره فجلس عن يمينه أخيار بني إسرائيل وأشرافهم وعن يساره الجن ثم يحف بهم الإنس والجن سماطين ثم يحف الوحوش والبهائم والسباع ثم تجيء الطير فتصطف من فوقهم تظلهم قال: وقد روي في تفسير قوله: وحشر لسليكن جثودو من الجن والإنس وألطير فهم يوذهون (الثمل : الآية
مخ ۲۵۴