============================================================
ذكر داود عليه السلام والقبض عليه بعث إليه داود صاحب مشورته من غير آن يعلم ابنه آنه رسول آبيه فقال له: أين داود ولم تأخرت عن بيعتي؟ قال: إني كنت أعلم أن الأمور راجعة إلى أبيك فقال ابن داود: وكيف يرجع إليه الأمر وقد خرج منه وبايعني الناس؟ فقال له الرجل: اقبل نصحي واسمع قولي هل نبي أذنب وتاب فلم يقبل الله تعالى توبته أم هل سمعت بابن نبئ قتل أباه قال: لا، قال: فإن الله تعالى سيقبل توبته ويرجع هو إلى ملكه فما أنت صانع فإن قاتلته فقتلته فما تقول لربك يوم القيامة وقد قتلت أباك نبي الله تعالى وإن ظفر بك فهو الذي تخشاه فقال ابن داود فإني أخشى إن آتيته فيقتلني قال له الرجل: إن داود لا يتفرغ لك ما دام لم يفرغ قلبه من ذنبه وإذا تاب الله تعالى عليه ورد إليه ملكه فكيف تطيق فما زال يكلم ابن داود حتى كف عن قتال أبيه وضمن له أن داود لا يقتله، فلما تاب الله تعالى على داود وخافه الرجل الذي قال له الحمد لله الذي نزع عنك ملكك فدخل بيته وخنق تفسه بحبل فمات وهرب ابن داود فبعث داود ابن آخته آيوب في طلبه وعهد إليه أنه لا يقتله وقال: إنك إن قتلته قتلتك به فاتبع أيوب شالوم بن داود، فلما رآه شالوم بين الشجر وهو على فرس فتعلق بشجرة وجذبه الفرس فزال عن متن فرسه متعلقا بالشجر فلحقه أيوب فناداه يا شالوم أحي أنت؟ قال: نعم، فنسي آيوب عهد داود وطعنه بالرمح فقتله وتركه متعلقا بالشجرة وانصرف إلى داود فقال داود: لأقتلنك به لا محالة يوما، قال آيوب: وقد وطنت على ذلك حين ضيعت عهدك فلم يتصوب داود قتله وذكر حاجته إليه في جهاد الأعداء وكان رجلا شجاعا منصورا على الكفار فاستبقاه إلى أن حضر داود الموت فأوصى إلى ابنه سليمان أن يقتله قصاص شالوم ففعل ذلك حين فرغ من دفن داود، قال وعمر داود بعد الخطيثة ثلاثين سنة على أحسن حال وأوحى الله تعالى إليه فقال له: يداؤد إنا جعللك خليفة فى الأرض فاخكم بين الناس بالحق} (ص: الآية 26) الآية، فكان يحكم فيهم بالعدل وكان الله تعالى قد أرسل إليه سلسلة من السماء بحبال صخرة بيت المقدس فإذا أتاه خصمان آمرهما بتناول السلسلة فكانت تناولها يد صاحب الحق وإن كان قصيرا ولا يتناولها يد المبطل وإن كان طويلا ثم إنه استودع رجل رجلا لؤلؤة في جوف عصا له من حيث لا يعلم فلما اختصما إلى داود أمرهما بتناول السلسلة فجاءها صاحب اللؤلؤة، وقال: اللهم إنك تعلم أنه لم يردها علي فاجعلني أنال السلسلة فدفع العصا إليه وجاء إلى السلسلة فتناولتها يده فلما رجع قام خصمه وقال له: احفظ عصاي حتى أتناول السلسلة وجاء إلى السلسلة وقال اللهم إن كنت تعلم آني قد رددت اليه اللؤلؤة فاجعلني أنالها فنال السلسلة فتحير داود من ذلك وقال: ينالها الظالم والمظلوم جميعا فأوحى الله تعالى إليه وأخبره بحيلة الرجل فسأل داود من أزهد الناس وأشدهم تواضعا وكان يجالس المساكين ويرحمهم ويقرهم ويواكلهم فلما كان في آخر عمره سأله
مخ ۲۴۷