246

============================================================

ذكر داود عليه السلام أن داود قال: يا رب كيف بي آن لا أنسى خطيئتي قال: فوسم الله تعالى خطيئته في كفه الأيمن فما رفع بها طعاما ولا شرابا إلا رآها وكان إذا خطب الناس أشار إليهم ويريهم وسم خطيئته بعدما غفر الله تعالى له ثلاثين سنة لا يرقا له دمع وذكر أنه كان قسم أيامه على آربعة أيام فكان بعد الخطيئة إذا جاء يوم خلوته لعبادته دخل محرابه ومعه الرهبان فينوح معهم على نفسه. وإذا كان يوم خلوته ببناته لم يدخل إليهن ولكن يخرج إلى الفيافي فيرفع صوته بالمزامير وتبكي معه الوحوش والطير والنبات والشجر والجبال والرمال ثم يأتي الساحل فيبكي ويبكي معه الحيتان ودواب البحر وإذا كان نوحه ينادي مناديه فليحضر من يريد آن يساعده فيحضره الناس ويدخل معه أربعة آلاف راهب عليهم المسوح وعلى داود ثياب المسوح ثم ينوح داود وينوحون معه ويبكي ويبكون معه حتى يغرق الفرش المسحية تحته بالدموع ويقع داود ويضطرب ويأتي سليمان فيرفعه ويأخذ داود كفا من دموعه فيمسح بها في وجهه ويقول يا رب ارحم عبدك فلو عدل بكاء الناس ببكاء له ما عدل ببكاء داود وحده.

باب في ذكر خروج ابن داود واسمه شلوم ويقال شالوم على آبيه(1 ذكر أهل الأخبار والرواة أن داود لما اشتغل بالبكاء في طلب التوبة قبل أن يخبره الله تعالى بالمغفرة تعطلت الرعية وضاعت الأمور فاجتمع قوم من سفهاء بني إسرائيل إلى ابنه شالوم وهو من ابنة طالوت وكان أكبر أولاد داود فخدعوه وقالوا: قد ضاع الملك واشتغل أبوك عنه وعجز عن السياسة وأنت أكبر ولده وأحقهم بالملك ونحن نعينك فإن عاتبك أبوك فقل إنما فعلت ذلك نظرا للرعية ولأن لا يطمع العدو في ملكك، فلم يزالوا به حتى بايعوه على الملك ولم يشعر داود إلا وابنه قد اجتمع الناس فكره داود الحرب والقتال مع ما كان قبله مشغولا بتوبته من ذنبه فخرج من عسكره ومعه رجلان أحدهما صاحب جيشه وهو أيوب ابن أخته وكان أشد الناس بأسا والآخر وزيره وهو صاحب مشورته وكان رجلا من أعقل الناس وأصوبهم رأيا وقولا وكان في بني إسرائيل رجل من أشرافهم ظلوم غشوم لا يذعن للقضاء قبل داود فلما ولي ذلله وأنصف منه الناس فلما بايع الناس ابن داود سارع إليه هذا الرجل فبايعه وإنه لما خرج داود من عسكره مع الرجلين لقيهم هذا الرجل فقال: الحمد لله الذي نزع ملكك وفرق جندك فهم أيوب أن يحمل عليه فقال داود مهلا دعه فان له يوما ولما اشتد أمر ابن داود هم بمحاربة آبيه (1) انظر تفاصيل هذا الباب في: التعلبي: العرانس ص 159.

مخ ۲۴۶