136

تاریخ

التاريخ

ژانرونه

ونتيجة لتلك السياسة ظل المغرب في ثورات مستمرة، وحروب طاحنة، وتراجعت القبائل عن اعتناق الإسلام، أما من أسلم منهم فقد كانوا يبحثون عن متنفس لهم، فظنوا ذلك في الدعوة الخارجية التي نشرها الخوارج بينهم، فاعتنقها بربر المغرب الأوسط.

ولما وصل الإمام إدريس بن عبدالله (ع) وأعلن دعوته عرف البربر أن الإسلام الصحيح ليس هو الذي يمثله الطغاة من الولاة، ولا العقيدة الجوفاء التي ينادي بها الخوارج، وإنما هو دين العدل والتوحيد دين الإخاء والرحمة والتسامح، فأقبلوا يدخلون أفواجا في دين الإسلام.

ولعل من أهم العوامل أيضا التي ساعدت إدريس بن عبدالله(ع) على نجاح دعوته هو عدم وجود قوة مركزية كبيرة للخلافة العباسية وعدم تمكن العباسيين من السيطرة الكاملة على أجزاء المغرب، مما مكن الإمام إدريس (ع) من نشر مبادىء الإسلام في سهولة ويسر.

وأيضا فإن مجموعة ممن كان قد أسلم منهم، كانوا قد شاهدوا الإمام إدريس (ع) في معركة (فخ) في الثامن من ذي الحجة سنة 169ه، وعرفوا ما يلاقيه ويعانيه أهل البيت (ع) في سبيل نشر دعوة العدالة والمساواة، وعندما وصل الإمام إدريس (ع) إلى المغرب عرفوه، وعرفوا فضله ومكانته في الإسلام، وقرابته من رسول الله (ص) (1) ووجدوا فيه صورة مباينة لما كان عليه ولاتهم، فبايعوه وساعدوه على نشر الإسلام بين قبائل البربر.

وحقيقة فإن المرء يقف إعجابا بهذا الإمام العظيم الذي لم تفت عضده كل تلك المصاعب والمتاعب التي واجهته ولم ييأس من قلة الصديق، وعدم الناصر، أو المعرفة بتلك البلدان، بل دفعه ذلك كله إلى مواصلة مسيرة الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ونشر رسالة الإسلام في مناطق لم يكن أهلها قد دخلوا في الإسلام.

مخ ۱۳۶