وفي عهد هشام بن عبد الملك كان الولاة يذيقون البربر ألوانا عديدة من الظلم والإضطهاد، فمثلا كان عمر بن عبدالله المرادي واليا على طنجة فأراد أن يخمس من أسلم منهم، وزعم أنهم فيء للمسلمين، وكان هشام بن عبدالملك يستحب طرائف المغرب، ويكتب إلى عامله بطنجة أن يرسل إليه (جلود الخرفان العسلية) التي تسلخ من جلود سخال الضأن عند ولادتها، أي قبل أن تصبح خشنة بنمو الخراف، فيصنعون منها الجباب الصوفية الناعمة، وكان الخليفة يؤثر اللون العسلي، ويطلب من عامله أن يأتي بها عسلية اللون غير مصبوغة، ولما كان من العسير للغاية التوصل إلى خراف وليدة بهذا اللون العسلي فقد عمد العامل إلى النعاج الحاملة، فيأمر ببقر بطونها واستخراج أجنتها بحثا عن هذه الجلود العسلية، ويذكر المؤرخون أنه كانت تذبح مائة شاة فربما لم يوجد فيها جلد واحد (1).
وحاول البربر إصلاح الوضع بكل الطرق الممكنة فبعثوا وفدا إلى هشام بن عبدالملك ولما قدم الوفد على هشام طلبوا الأذن، فصعب عليهم، فأتوا (الأبرش) (2) فقالوا: أبلغ هشاما أن أميرنا يغزو بنا وبجنده، فإذا أصاب نفلهم دوننا، وقال هم أحق به، فقلنا: هو أخلص لجهادنا. وإذا حاصرنا مدينة قال: تقدموا وأخر جنده، فقلنا: تقدموا، فإنه إزدياد في الجهاد، ومثلكم كفى إخوانه، فوقيناهم بأنفسنا وكفيناهم، ثم إنهم عمدوا إلى ماشيتنا، فجعلوا يتعرونها عن السخال، ويطلبون الفراء الأبيض للخليفة، فيقتلون ألف شاة في جلد، فقلنا ما أيسر هذا له، فاحتملنا ذلك، وخليناهم وذلك، ثم إنهم سامونا أن يأخذوا كل جميلة من بناتنا (3)، فقلنا: لم نجد هذا في كتاب ، ولا سنة، نحن مسلمون. ولكنهم عادوا إلى أفريقية دون جدوى.
مخ ۱۳۵