للقتل مع كف يده فقتل ذليلًا، فجزاه الله على ذله فيه بإكرامه له، وهذا ما يظهر لي، والله أعلم.
وروي عن أبي بكر الصديق – ﵁ – حديث غريب، وهو أنه قال: يا رسول الله، هل من جهاد غير قتال المشركين؟ فقال رسول الله ﷺ: «نعم يا أبا بكر إن لله مجاهدين في الأرض أفضل من الشهداء أحياء يرزقون يمشون في الأرض يباهي الله بهم ملائكة السماء وتزين لهم الجنة» فقال أبو بكر: صفهم يا رسول الله، قال: «الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، والمحبون في الله، والمبغضون في الله».
ثم قال: والذي نفسي بيده، إن العبد منهم ليكون في الغرفة فوق الغرفات فوق غرف الشهداء، للغرفة منها ثلاثمائة باب منها الياقوت والزمرد الأخضر على كل باب نور وإن الرجل ليتزوج ثلاثمائة ألف حورًا قاصرات الطرف عين، كلما التفت إلى واحدة منهن ينظر إليها فتقول له: يوم كذا أمرت بالمعروف/ ونهيت عن المنكر، كلما التفت إلى واحدة منهن ذكرت له كل مقام أمر فيه بمعروف أو نهى فيه عن منكر».
فدلت هذه الآيات والأخبار على فضل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى علو محله وعلى الترغيب في القيام به، وشرف أهله، وأنه واجب على كل مسلم استطاع سواء كان رجلًا أو امرأة أو عبدًا كما عليه إجماع الأمة.
ودل قوله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ﴾ [آل عمران: ١٠٤] على أنه فرض على الكفاية، إذ لو كان فرض عين لقال: ولتكونوا، أو معنى ذلك.
قال أبو زكريا النووي – ﵀ – في شرح مسلم:
وقد يتعين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر – يعني يصير فرض عين كما
1 / 29