============================================================
النسهيد شح معالم العدل والنوحيل وأما ثالثا فلأن الألوان لما صح كونها مرئية فإن الأعمى يجد في نفسه نقصا في امتناع رؤيته لها، فلو كانت الطعوم والروائح يصح أن تكون مرئية وجب أن يكون حالنا معها كحال الأعمى مع الألوان، فكان يجب أن نجد من أنفسنا ذلك النقص، وإنه محال بالضرورة. فبطل أن يكون الوجود علة في صحة كون الأشياء مرئية.
الوجه الثالث سلمنا أن العلة في صحة كون الأشياء مرثية هو وجودها، فمن أين لكم أن وجودها مساو لوجود القديم تعالى، فما أنكرتم أن تكون علة هذه الصحة هو الوجود بشرط تقدم العدم، كما أن الفعل محتاج إلى الفاعل في الوجود بشرط تقدم العدم، فإذا جاز ان يكون الوجود بشرط كونه مسبوقا بالعدم علة هذه الحاجة فلم لا يجوز أن يكون علة هذه الصحة.
الشبهة الثانية قالوا: قد ثبت أن الله تعالى يرى غيره، فيجب أن يرى نفسه؛ لأن العلة في كونه رائيا لنفسه كونه رائيا لغيره، وإذا صح أن يرى نفسه صح أن يراه غيره؛ لأن المرثي في نفسه يصح آن يراه كل رائي: والجواب من وجهين: أما أولا فنقول لهم: متى يلزم من رؤيته لغيره رؤيته لنفسه ؟ إذا جعلنا رؤيته لغيره علة في رؤيته لنفسه أو إذا جعلناه معلولا، فهذا ممنوع مسلم.
وبيانه أنا إذا جعلنا رؤيته لغيره علة في رؤيته لنفسه لزم لا محالة من حصول العلة حصول المعلول، فأما إذا جعلنا رؤيته لغيره معلولا لرؤيته لنفسه لم يلزم من رؤيته لغيره رؤيته لنفسه؛ لأن مثل المعلول يجوز حصوله لعلة أخرى غير تلك العلة، كما نقول في القبح، فإنه حكم واحد، ومع ذلك تعلل تارة بكون الفعل ظلما وتارة بكونه جهلا، وإذا كان الأمر كذلك فلم قلتم إن الحق هو الأول دون الثاني، بل الثاني أقرب إلى العقل؛ لأن رؤيته لغيره
مخ ۳۰۹