============================================================
السهيد شح معالمر العدل والنوحيل وأما ثانيا فهو أن حقيقة تعلق القادر بالمقدور ليس إلا أنه لا يستحيل منه إيجاده عند تحقق داعيته، وهذا لا يمكن تحقيقه إلا عند عدم المقدور دون وجوده؛ لأن تحصيل الحاصل محال. لا يقال: لو كان تعالى قادا لكان إذا وجد الفعل منه فإما أن تبقى قادريته على ايجاد ذلك الفعل أو لا تبقى، والقسمان باطلان، فيبطل القول بكونه تعالى قادرا. وإنما قلنا باستحالة بقائها؛ لأن الفعل إذا صار موجودا بطلت قدرة القادر عليه؛ لأن تعلق القادر مشروط بعدمه، وبعد وجوده قد زال عدمه، فبطل تعلقه به. وإنما قلنا باستحالة كونها غير باقية؛ فلأن قادرية الله تعالى على إيجاد ذلك الفعل ثابتة في الأزل إلى الآن؛ لأنها لو لم تكن ثابتة في الأزل كانت متجددة، وهو باطل بالاتفاق، فإذا وجد ذلك الفعل فلو لم يبق تعلق قدرة الله تعالى بذلك الفعل كان ذلك زوالا للتعلق الثابت في الأزل، فيكون عدما للقديم، وهذا محال.
وجوابه أن القادرية أمر ثبوتي وهي باقية ومستمرة بعد وجود الفعل وثابتة أزلا وأبدا كما سنقرره بعد، وأما تعلقها فهو من الأمور الإضافية، وثبوته مشروط بعدم الفعل، وبعد وجود الفعل لا يبقى، وليس في زواله زوال القادرية، فثبت أنه تعالى قادر.
المسألة الثانية في مفهوم القادرية اعلم أنا قد أوضحنا أنه تعالى قادر. فأما مفهوم قادريته تعالى فمختلف فيه، فعند الشيخ اباي الحسين ومن تابعه من نفاة الأحوال أن القادرية في حقه ليس إلا أنه ذات متميزة عن غيرها بحيث يصح منه الفعل عند الداعية من غير أمر زائد على ذلك، وأن القادرية في حق الواحد منا إنما هي بنية مخصوصة من رطوبة ويبوسة وحرارة وبرودة وحصافة وأعصاب صحيحة، وذهب الشيخ أبو هاشم وأصحابه إلى أن القادرية في حقه تعالى حالة لمكانها يصح منه الفعل، وأنه يستحقها لذاته المخصوصة، وأن الواحد منا إنما يصح منه الفعل لمثل
مخ ۱۶۸