[التطاول في رفع البنيان]
فرع: ومن المكاثرة رفع البنيان وزخرفتها فوق القدر المحتاج إليه، لقصد التطاول على من لا يستطيع ذلك والترأس عليه، فأما لو قصد مجرد التلذذ برؤيته لحسنها وكبرها والتزين والتجمل بذلك فلا إشكال في الجواز، وقد قال تعالى: ?قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده? [الأعراف:32]، وقال تعالى:?لتركبوها وزينة? [النحل:8]، أي لتزينوا بها، وإن لم يحتج لركوب، وقال تعالى:?ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون?[النحل:6]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم ما معناه: (إن الله إذا أنعم على عبد نعمة أحب أن يرى أثرها عليه).
وأما الآثار الواردة في رفع البنيان فمنصرفة إلى ما قصد فيه المكاثرة والمفاخرة، لا لمجرد التجمل فقد فعله كثير من الصحابة والتابعين والعلماء الراشدين، كالزبير بن العوام وابن المبارك، ومحمد بن الحسن رضي الله عنهم، لكن اللائق بمن يقتدى به الزهد في ذلك لئلا يقوى حرص العوام على الاشتغال بطلب الملاذ وجمع الأموال. فينشغلوا عن الآخرة بطلبها:
والصيد كل الصيد في جوف الفرا
ومن سن سنة حسنة كان له أجرها، وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
مخ ۳۹