216

قيل له: قد ثبت بالأخبار التي مضت أن الأوقات ثلاثة: وقت يختص بالظهر، ووقت يختصر بالعصر، ووقت هو مشترك بينهما، وإذا كان ذلك على ما ذكرناه، ثبت أن المراد بهذا الخبر هو أن التفريط ترك الصلاة إلى وقت يختص بصلاة أخرى، وهذا ما لا نأباه، بل نقول به، ونذهب إليه.

يوضح ذلك أن ذلك الوقت أعني الوقت المشترك لا نقول على الإطلاق أنه وقت للصلاة الأخرى؛ لأنه يمت إلى الصلاة الأخرى، كما يمت إلى الصلاة الأولى؛ لأنه آخر وقت الأولى، وأول وقت الأخرى.

فإن قيل: فإن ابن عباس روى الخبر الذي اعتمدتموه في المواقيت، وقد روى ليث، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: لا تفوت صلاة حتى يجيء وقت الأخرى، فبان أن التأويل في خبر المواقيت هو الذي ذكرناه.

قيل له: قد ثبت أن جميع الصلاة غير مراد بهذا، ألا ترى أن صلاة الفجر تفوت، وإن لم يجئ وقت صلاة أخرى، فلا يمتنع على هذا أن يكون أراد به العصر، والعشاء الآخرة، وأراد ما ذكرناه من تأويل الخبر الذي ذكرناه قبل هذا من مجيء وقت يختص بالصلاة الأخرى.

وجملة الأمر أن الأخبار التي اعتمدناها في هذا الباب مرجحة على سائر ما ذكروه من الأخبار؛ لأنها أخبار مشهورة تلقتها العلماء بالقبول، ورجعوا في تعريف مواقيت الصلاة إليها، واعتمدوا عليها؛ ولأن المقصد فيها بيان الأوقات، وليس كذلك سائر الأخبار التي عارضوا بها.

فإن قاسوا الظهر والعصر على الفجر، وقالوا: إن وقتهما يجب أن لا يكون فيه اشتراك كصلاة الفجر، انتقض ذلك بالجمع بعرفات.

وإن شئنا قسنا سائر الأيام على يوم عرفة بعرفات، وقلنا لمن يخالفنا: يجب أن يحصل الاشتراك في وقت الظهر والعصر، على أن إثبات المواقيت بالقياس لا معنى له، إلا أنا ذكرناه لاعتماد بعض المخالفين عليه مع ضعفه.

مخ ۲۱۶