215

فإن قيل: الأخبار التي رويت في هذا الباب يحتمل أن يكون المراد بها أنه صلى الله عليه وآله وسلم فرغ من الظهر في اليوم الثاني في الوقت الذي كان ابتدأ العصر فيه في اليوم الأول؟

قيل له: ظاهر هذه الأخبار تنطق بخلاف ذلك؛ لأن فيها أنه صلى الله عليه وآله وسلم صلى العصر في اليوم الأول حين صار ظل كل شيء مثله، وصلى الظهر في اليوم الثاني حين صار ظل كل شيء مثله، فكان الوقت الذي صلى فيه العصر في اليوم الأول هو الوقت الذي صلى فيه الظهر في اليوم الثاني بعينه.

فإن قيل: روى الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (( إن للصلاة أولا وآخرا، وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس، وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر ))، فثبت بذلك أن دخول وقت العصر عند خروج وقت الظهر.

قيل له: نحن لو جعلنا هذا الحديث دلالة على صحة مذهبنا، لساغ؛ لأن ظاهره يشهد لنا، ألا ترى أنه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: (( وإن آخر وقتها حين يدخل وقت العصر ))، والهاء راجعة إلى جميع صلاة الظهر، لا إلى آخر جزء منها، فإذا صار ظاهره يدل على أن آخر وقت صلاة الظهر بكمالها أول وقت العصر بكمالها، على أن الوجه الذي أشاروا إليه لا يستقيم على مذهبهم؛ لأنهم لا يقولون: إن وقتا واحدا يشترك فيه آخر الظهر، وأول العصر، بل لا يجوز دخول وقت العصر إلا بعد خروج وقت الظهر، وهذا واضح، وما ذكرناه من أن هذا الخبر شاهد لمذهبنا بين.

فإن استدلوا بحديث أبي قتادة، قال: قال رسول لله صلى الله عليه وآله وسلم: (( ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، أن تؤخر صلاة إلى وقت أخرى )). فقالوا: قد دل ذلك على أن تأخير الظهر إلى(1) وقت العصر تفريط، وفيه أن الوقت الواحد لا يكون وقتا لهما جميعا.

مخ ۲۱۵