وأنشدني وقال لي: أنشدني الحاج الفاضل أبو زكرياء بن واش الفاسي، وقال أنشدني بعض الشيوخ المجاورين البغداديين وقد مر به بحرم مكة، شرفها الله تعالى، الفقيه أبو جعفر بن شيخنا الإمام رضي الدين الطبري، وهو إذ ذاك فتى، فقال له الشيخ،) ما الذي تقرأ وبم تشتغل من الكتب (، فقال له الفتى،) بالتنبيه (فأنشد الشيخ بديهة.
ومهفهف الأعطاف ساج طرفه ... يغدو على الفقهاء للتعليم
شغلوه بالتنبيه جهلا منهم ... لو انصفوا شغلوه بالتنويم
وأنشدني وقال لي، دخل الأديب الشهير أبو بكر بن قزمان، رحمه الله تعالى، على بعض البلاد فأعطى نعله ليصلح له، وهو مستوفز قد نفد ما عنده، فخاطب في الحال بعض الناس من أهل البلد بقوله:
دفعت قرقي لقراق يصلحه ... وفد تعذر قيراط من الثمن
فامنن على شاعر خفت مؤونته ... قدر السؤال بقدر الناس والزمن
وأنشدني لبعضهم:
خبت نار العلى بعد اشتعال ... ونادى الجود حي على الزوال
فقدنا الجود إلا في حديث ... وإلا في الدفاتر والآمال
ولو أني ملكت الأمر يوما ... لما حاربت إلا بالسؤال
لأن الناس ينهزمون منه ... وقد ثبتوا لا لأطراف العوالي
وقرأت وسمعت عليه جميع صحيح مسلم بن الحجاج، رحمه الله تعالى، فكمل لي جميعه عليه ما بين قراءة وسماع بحق قراءته لجميعيه، بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة، سنة ثلاث عشرة وسبعمائة على الشيخ الإمام الخليل ﵇ رضي الدين أبى أحمد إبراهيم بن محمد الطبري المكي الشافعي، قال: قرأته أجمع بالحرام الشريف اتجاه الكعبة المعظمة، سنة خمس وسبعين وستمائة على الشيخ الأوحد شمس الدين أبى عبد الله محمد بن النعمان بحق قراءته، على الشيخ أبى الفضل محمد بن أبى المعالي بن الجياب السعدي، على الشيخ الشريف أبى المفاخر سعيد بن الحسين الماموني، عن الشيخ أبى عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوي، عن الشيخ أبى الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، عن الشيخ بن أحمد بن عيسى الجلودى، عن أبى إسحاق إبراهيم بن محمد بن سفيان النيسابوري، عن الإمام، أبى الحسين مسلم بن الحجاج القشيرى، قال: " وقال الشيخ أبو أحمد إبراهيم بن محمد رضي الدين الطبري، وأخبرني به، أعلى من هذا الشيخ المحدث أمين الدين عبد الصمد بن عبد الوهاب بن عساكر الدمشقي، قراءة عليه وأنا أسمع، بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة سنة تسع وخمسين وستمائة قال: أخبرنا به الشيخ أبو الحسن المؤيد الطوسي، اجارة عن الإمام أبى عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي الفراوى، وبسنده المذكور ". وقد أجازني الإجازة التامة، وكتب لي بخطه.
1 / 17