فإن قالوا متماثلة أحالوا؛ لأن ما ينفي أحدهما لا ينفي الآخر، ولأن أحدهما لا يسد مسد الآخر ولا يقوم مقامه فيما يرجع إلى ذاته، ولأن موجباتها مختلفة وكل ذلك ينفي التماثل، ولأن اختلاف ما يتعلق بالغير يعلم باختلاف متعلقاتها.
فإن قالوا: مختلفة.
قلنا: فوجب أن علم الله تعالى بصفات مختلفة بعدد متعلقاتها.
ويقال لهم: إذا علم القديم كون زيد في الدار، وعلم الواحد منا ذلك، أليس تعلقا بمتعلق واحد على وجه واحد في وقت واحد، فلا بد من بلى.
قلنا: فوجب أن يكونا مثلين، ومثل القديم لا يصح أن يكون محدثا.
فإن قال: علمه قديم ويتجاوز في التعلق عن معلوم، وعلمنا محدث ولا يتعلق إلا بمعلوم واحد.
قلنا: يلزمك أن لا يكون علمه كذلك، أو يكون أيضا علمنا قديما متجاوزا في التعلق، وبعد فهذا يوجب أن يكون الشيئان مختلفين من وجه مثلين من وجه وهذا فاسد.
ويقال لهم: كونه قادرا عالما حيا واجب أم جائز؟.
فإن قال: جائز أحال، ووجب أن يحتاج إلى مؤثر ويجوز عليه أضدادها، وإن قال: واجب.
قلنا: وجب أن يستغني عن العلة والموجب، ككونه موجودا وكون علمه علما، وكون قدرته قدرة بخلاف الشاهد.
ويقال لهم: القديم موجود أم لا؟.
فإن قالوا: موجود، لا بد لهم من ذلك.
قلنا: الموجود على قسمين: قديم، ومحدث.
فإن قالوا: هو قديم.
قيل لهم: أهو قديم لمعنى أو بالفاعل أو لذاته؟.
فإن قالوا: لمعنى قديم، فذلك المعنى يجب أن يكون قديما لمعنى آخر، وتسلسل ذلك إلى ما لا نهاية، وإن قالوا لذاته.
قلنا: فاستحقاقه لكونه قادرا وعالما وحيا كاستحقاقه لكونه موجودا، فإن كان أحدهما لذاته كان الآخر كذلك.
مخ ۸۴