ويقال: ما تقولون في صفتين استحقتا على السواء، فإذا كانت إحداهما لذاته أليس الأخرى تكون كذلك لذاته؟ فإذا كانت إحداهما لعلة فكذلك الأخرى، واعتبر ذلك بكون الجوهرين متحركين وكونهما متحيزين، فلا بد من: بلى، فيقال: فاستحقاقه لكونه قادرا عالما في الوجوب كاستحقاق كون السواد سوادا، ثم لا يكون كذلك لمعنى، كذلك هذا.
ويقال: أليس القدرة لا يصح أن يفعل بها في محلها ابتداء؟ ولذلك لا يصح منا نفعل بيميننا بقدرة هي في يسارنا؟ فإذا قال: بلى، قلنا: فقدرة القديم حالة فيه أولا في محل، فإن كانت حالة وجب أن يكون محلا للمعاني، ووجب أن لا يصح الفعل بها مباينا.
وإن قال: لا في محل.
قلنا: وجب أن لا يصح الفعل بها أصلا.
ويقال له: أليس القادر بقدرة في الشاهد لا يصح منه فعل الجسم، فلا بد من: بلى، فيقال: فلو كان قادرا بقدرة لما صح منه فعل الجسم أيضا، فلما صح ثبت أنه قادر لذاته.
فإن قال: ولم قلتم ذلك؟.
قلنا: لأن القدرة في تعلقها بالمقدور تتفق وإن اختلفت في أنفسها، فما يتعلق به قدرة تتعلق بجنسه سائر القدر، وما لا يتعلق به قدرة لا تتعلق بجنسه سائر القدر.
ويقال لهم: أليس العلم الواحد في الشاهد لا يتعلق إلا بمعلوم واحد بالاتفاق، وعندكم أن القديم كذلك، فلا بد من نعم.
قلنا: فإذا جاز أن يكون معنى واحد يتعلق بأشياء بخلاف الشاهد لم لا يجوز أن تكون الذات تستغني عن العلل، أو يكون معنى واحد يكون قدرة، حياة وعلما، ويستغني بذلك المعنى عن جميع المعاني، فإذا التزموا ذلك قلنا: فوجب أن يستغني عن جميع المعاني، فيلزمهم نفي المعاني.
مخ ۸۵