فإن قال القديم - ولا بد من ذلك- قلنا: فكيف يحدث القدرة وهو غير قادر؟ وكيف يحدث العلم وهو فعل محكم متقن لا يصح إلا من عالم.
ويقال لهم: هذا العلم المحدث يحله أم لا؟.
فإن قال: لا، قلنا: كيف يختص به، وإن قال: لا في محل، قلنا: فلو وجد جهل لا في محل لوجب أن يصير به جاهلا وهذا محال، وإن قال يحله، قلنا: فهو محل للحوادث، وإذا جاز أن تحله بعض الأعراض جاز أن تحله سائرها.
ويقال لهم: أليس يجوز عندكم أن يعلم بعلم حادث يحله فهلا جاز أن يجهل بجهل حادث يحله؟.
فإن قالوا: أليس كان عالما بأنه غير فاعل، ثم صار عالما بأنه فاعل، وكان عالما بعدم الدنيا ثم صار عالما بوجودها، وإذا تجدد كونه عالما فلا بد من معنى.
قلنا: كان عالما بأنه غير فاعل لم يزل وأنه فاعل لا يزال، وكان عالما بوجود الدنيا في حال وعدمها في حال، وأحوال العلم لا تختلف وإنما تختلف العبارات وأحوال المعلوم، وهذا كما تختلف العبارة على الوقت فسمي الماضي أمس والمستقبل غدا وفي الحاضر اليوم والوقت واحد.
فإن قال: قد قال تعالى: ?حتى نعلم المجاهدين?[محمد:31].
قلنا: معناه حتى يجاهدوا ويظهر المعلوم، فأما من يقول أنه عالم بعلم قديم قادر بقدرة قديمة حي بحياة قديمة، فيقال له: هذا العلم غير القديم أو هو بعضه؟.
فإن قال: هو.
قلنا: فوجب أن يكون إلها ويجب أن نعبده، ووجب أن يكون علة لنفسه وهذا باطل، ولا يقال: إنكم تقولون: إنه عالم لنفسه لأنا لا نعني أن ذاته علة، وإنما أردنا أن ذاته عالم على سبيل الوجوب لا يحتاج إلى علة لأجلها يعلم، وإن قال بعضه، قلنا: يستحيل أن يكون له بعض وأن يكون بعضه علة في صفة الله.
فإن قال: غيره.
مخ ۸۲