مسألة في أنه تعالى لا يجوز أن يكون قادرا عالما حيا موجودا
بالمعاني
الذي يقول مشايخنا: إن له هذه الصفات لذاته لا لعلة، ومنهم من أثبت معاني محدثة كما حكي عن هشام بن الحكم، ومنهم من يثبت معاني لا توصف كما يحكى عن الكلابية، قالوا: يوصف بأنه أزلي فقط، ومنهم من قال معاني قديمة لا هي هو ولا غيره ولا بعضه كما يحكى عن الأشعرية، ومنهم من قال هي معاني حالة فيه غيره وهو مذهب الكرامية.
فيقال لمن يقول بهذه الصفات لمعاني لا توصف: هذه المعاني هل تعلم أم لا؟.
فإن قالوا: لا، قلنا: فكيف يصح إثبات ما لا يعلم؟ وكيف يصح الكلام في صحته أو فساده؟ وصار نفيه أولى من إثباته ؟ وإن قال: تعلم، قلنا: فقد وصفتموه بأنه معلوم وأنه علم وأن القديرية بعلم.
ويقال: كل معلوم لا بد أن يختص بصفة عليها يعلم وبها يتميز عن غيره؛ لأنه لو لم يكن كذلك لما وقع التمييز بين المعلومات.
ويقال لهم: ألستم تصفون إحداهما بأنه قدرة وإحداهما بأنه حياة وإحداهما بأنه علم، فكيف وصفتموه هذه الصفات؟ وهل أنتم في قولكم أنها لا توصف إلا مناقضين.
ويقال لهم: كل معلوم إما أن يكون موجودا أو معدوما فلماذا يختص به؟ ولأن المعدوم لا يؤثر ولأن هاهنا جهلا معدوما فوجب أن يكون جاهلا وهذا محال، وإن قال: هو موجود، قلنا: فقد وصفته بالوجود.
ويقال: هو كان موجودا لم يزل، أو وجد بعد أن لم يكن؟ فأي ذلك قال فقد وصفه.
ويقال: ألستم تصفونه بأنه أزلي، فما الفرق بين قولنا قديم وقولكم أزلي في المعنى وكل واحد يوجب وجوده لم يزل، فأما من قال أنه بهذه الصفات لمعاني محدثة أو علم محدث فيقال له: من أحدث القدرة المحدثة والعلم المحدث؟.
مخ ۸۱