فإن قالوا: بل كانت موجودة؛ لأن ذلك مقالاتهم.
فيقال: لم تزل كانت مستحيلة إلى هذه المركبات من الحيوانات والنبات والأشجار وغيرها، أم لم تكن مستحيلة ثم استحالت؟.
فإن قالوا: كانت غير مستحيلة ثم استحالت.
قلنا: وما الذي أوجب استحالتها. فإن أشاروا إلى معنى قديم.
قلنا: فوجب أن تكون الاستحالة قديمة. وإن أشاروا إلى معنى محدث.
قلنا: وما الذي أوجب ذلك المعنى؟ ويبقى الكلام الأول.
ولو قالوا: كانت مستحيلة لم تزل.
قلنا: أليس عندكم كانت هيولى ثم حدثت التراكيب والإستحالات؟ وبعد فإنا نرى أشياء مستحيلة في الحال، فالقول بأنها استحالت لم تزل إنكار المشاهدة ودفع المعقول، وبعد فإذا كانت الإستحالات لم تزل كما أن الأصول لم تزل عندكم فلم صارت أولى من أن تكون أصولا دون الإستحالات وكلاهما موجود لم يزل.
ويقال لهم: هذه الطبيعة والقوة تحصل في الجسم وهو موجود، أو تحصل وهو معدوم؟.
فإن قال: تحصل وهو موجود.
قلنا: فكيف يكون الحصول بها وإنما تحصل هي بعد وجوده؟.
وإن قال: تحصل وهو معدوم.
قلنا: فكيف تحصل للمعدوم طبيعة، وبعد فإنه موجب غير مختار فلم صار بأن يحدث في وقت أولى من وقت، فوجب أن يحصل لم يزل.
ويقال لهم: أليس هذه الطبائع أضدادا؟ فالحار يضاد البارد، واليابس يضاد الرطب؟. فلا بد من: بلى، فيقال: فكيف تكون الأضداد علة لموجب واحد، وهذا كما يقال الحركة والسكون علة في كونه محتركا.
ويقال لهم: هذه الطبائع الأربع كانت منفردة فاجتمعت أو كانت مجتمعة وعلى أي وجه كان وجب أن لا يتغير عما كان عليه، وبعد فكان يجب إلى جامع يقهر الأضداد.
ويقال لمن أنكر حدوث شيء لا من أصل: أثبت الأعراض الموجبة لهذه الهيئات والتراكيب، فإن قال: لا.
مخ ۶۴