قلنا: ما سببه، فلا سبب يشار إليه تولد الجوهر، والأجسام قط لا تحصل متولدة، وبعد فلو تولد عن قوة في الجوهر لتولد في محله؛ لأن الجوهر لا جهة له فيؤدي إلى اجتماع جوهرين في محل واحد.
ويقال لهم: أليس جميع ما نشاهده في العالم من الطبائع الأربع؟ فلا بد من: بلى، فيقال لهم: لم اختلفت هذا الاختلاف في لونها، وطعمها، ونفعها، وضرها، وريحها، حتى صار بعضها غذاءا، وبعضها دواءا، وبعضها سموما؟.
فإن قالوا: في كل واحد خاصية توجب ذلك.
قلنا: تلك الخاصية من أي شيء حصلت؟ فلا بد من أن يقولوا من الطبائع، فيقال لهم: فالطبائع حاصلة في الجميع، فلم اختص بعض ذلك بتلك الخاصة؟.
ويقال لهم: أليس عندكم الحيوانات كلها من الطبائع؟ فلا بد من بلى؛ لأنهم استدلوا على ذلك بأنها يغذى بها وتنحل إليها.
قلنا: أوليس المادة بهذه الحيوانات وغذاؤهم من الطبائع؟.
فإن قالوا: بلى.
قلنا: فلو اختلفت الأغذية لكل حيوان حتى أن غذاء بعضهم سم بعض إذا كانت الأصول واحدة.
ويقال لهم: هذه الطبيعة في المطبوع معنى غيره أو هو هو؟.
فإن قالوا: هو هو. وجب أن يكون المؤثر في نفسه وهذا محال، وبعد فإذا كانت ذاته هو الطبع وجب أن يكون موجباته، وبعد فإذا كانت ذاته معه فتكون التراكيب والنمو أبدا حاصلة.
فإن قالوا: هو غيره.
قلنا: فما هو؟ فما تشيرون إلى معقول.
وبعد فلو نزع هذا الطبع عن هذا الجسم أهو كما هو أم تغير؟.
فإن قالوا: يبقى كما هو عليه الآن.
قلنا: فما أنكرتم أن لا يكون فيه طبيعة الآن أيضا.
ولو قالوا: كان يتغير.
قلنا: فإذا جاز أن يوجد فيه الطبع ويعدم عنه وجب أن يكون حصوله بمؤثر ثم تسلسل.
ويقال لهم: أليس عندكم الأجسام كانت موجودة لم تزل أم لا؟.
مخ ۶۳