فإن قال: كل واحد علة. وجب أن يحصل النمو بذلك الواحد، وقد علمنا خلاف ذلك؛ لأنه لا يحصل النمو ما لم يحصل الجميع.
فإن قال: واحد علة. وجب أن يستغني عن الأخرى.
فإن قال: مجموعها علة.
قلنا: إذا كان كل واحد ليس بعلة مؤثرة فكيف تصير بمجموعها علة، وهب أنه كذلك، فإذا اجتمعا ثم لم يحصل المعلول في الحال وإنما يحصل على ترتيب وتدريج.
فإن قالوا: واحد منها علة والآخر شرطا.
قلنا: ليس أحدهما بأن يجعل علة والآخر معلولا أولى من عكسه الآخر والجميع سواء في الحاجة، وبعد إذا حصلت العلة والشرط وجب أن يحصل المعلول، وبعد إذا حصلت العلة والشرط وجب أن لا تختلف أحوال النمو، بل يستوي الجميع، وقد علمنا اختلافها في الإدراك والطعوم والحرارة والأرائح في كل حسن، وكل ذلك يفسد قولهم.
ويقال لهم: أليس الأشياء عندكم كلها من هذه الطبائع الأربع؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أيكون من النار غير التسخين، ومن الماء غير الترطيب ونحو ذلك في الطبائع الأربع؟.
فإن قالوا: لا؛ لأن كل واحد يوجد فيه ما هو مطبوع عليه.
فيقال لهم: فهاهنا أشياء خارجة عن هذه الطبائع، فكيف يصح أن تكون متولدة عنها، كالحركة والسكون، والعلم والجهل ونحوها.
ويقال لهم: أليس هذه الطبائع والقوة تحتاج إلى محل لتحل فيه؟، فلا بد من: بلى.
فيقال لهم: أليس عندكم الجوهر يحتاج إلى هذه القوة ليحدث؟، فلا بد من: بلى.
فيقال لهم: فإذا احتاج كل واحد منهما إلى صاحبه في وجوده وجب أن لا يحصل، ووجب أن يحتاج إلى نفسه بواسطة وهذا فاسد.
ويقال لهم: هذه الأجسام متولدة أو مخترعة؟ فإن قالوا: متولدة.
مخ ۶۲