ويقال لهم: وآية أخرى في الحيوانات إذا خرجت ولا معتهد لها كما لبني آدم ولا ثياب، فخرجت كاسية أشعارها حتى تقيها الحر والبرد ، ولها حوافر لا تحتاج إلى الخف والصنادل، وتبعت الأمهات لا تحتاج إلى مربي، وقابلة لما لم يكن لها من الأسباب ما لبني آدم.
ويقال لهم: وآية أخرى في الفيل مع عظمه، والبعوضة مع صغرها، ثم الآلات لكل واحد منهما، وجعل لكل واحد خرطوما يستعين به على المأكل والمشرب، ثم سخر الفيل للبعوض حتى أنه أبدا يحتال في دفعها عن نفسه برش الماء والتراب عليها، فمن سخر الفيل للبعوض غير القادر الذي لا يعجز، والعالم الذي لا يجهل سبحانه وتعالى.
ويقال لهم: وآية أخرى في النمل وكثير عددها وأجناسها، والإلهام الذي لها في نقل القوت إلى بيوتها، وإعدادها لشتائها، وقطعها لكي لا تنبت وتبقى، ثم كيف تنجحر في الشتاء وتخرج في الصيف.
ويقال لهم: وآية أخرى في تناسل النمل وغيرها من البهائم، وفي بيضها وبيض الطيور لا يرى فيها غير مايع، فتخرج منها فراخ ذات ألوان وأعضاء، فمن ألهم الأم وقت خروجها حتى تشق بيضها؟ ومن ألهم الفرخ الخروج؟ ومن صورها في باطن البيض وأنبت جناحها؟ ثم منها ما يعيش في البر، ومنها ما يعيش في الماء، ومنها ما يخرج ليلا، ومنها ما يخرج نهارا، ومنها ما يبني لنفسه بيتا وأعشاشا، وكالنحل وما فيها من العبر وما يخرج منها من العسل، ومنها ما يصيد، ومنها ما يصاد إلى غير ذلك من غريب الصنعة وعجائب الحكمة التي تفرد رب العالمين.
مخ ۵۹