ويقال لهم: من هيأ الحاملات للركوب والحمل في البر والبحر، ففي البر أنواع الدواب، وفي البحر السفن، وكيف سخر هذه الدواب للخلق مع عظم حالها وقوتها حتى يحمل عليها ويركب، قال الله تعالى: ?هو الذي يسيركم في البر والبحر?[يونس:22].
ويقال لهم: من خلق هذه الجواهر السفلية لمنافع الخلق على ما هي عليه، فالتراب للبناء، والنبات والأشجار والماء لنمو كل شيء وإصلاح كل أصل، والحديد للصناعات، والخشب للأبواب والسفن، والحطب للوقد، والحجارة وغيرها، والنحاس للأواني، والذهب والفضة للمعاملات والزينة، والجواهر للتجمل، والحبوب للغذاء، والثمار للتفكه، واللحوم للمأكل، والطيب للتلذذ، والألوان للنظر، والأدوية لتصحيح الأبدان وإزالة الأمراض، والدواب للحمل والركوب، والمواشي للأكل، ونحو ذلك مما لا يعلم تفاصيلها غير خالقها ومنشيها ومدبرها، قال تعالى: ?خلق لكم ما في الأرض جميعا?[البقرة:29].
ويقال لهم: من هيأ الشمس فوق الخلق تدور عليهم، تطلع وتغرب حتى لو كانت طالعة أبدا لما تم التدبير، ولكان الناس أبدا يتصرفون، ولا يعلمون وقتا ولا أمدا ولا شهرا ولا سنة ولا يوما، ولكانت الأشياء كلها تحترق من حرها، ولا ينتفع بشيء من الأنوار مع نورها، ولو كانت الظلمة أبدا لما اهتدوا إلى معادهم ومعاشهم، ولما كان وقت لسكونهم وسباتهم، وهيأها الحكيم على وجه تطلع مرة وتغرب أخرى ليتم التدبير، وجعل سائر النجوم خلفا في الليالي، فهل يمكن مثل هذا القدر إلا من عالم بصير.
مخ ۵۴