ويقال لهم: من هيأ الصوت والكلام؟ ومن ركب الآلة فيخرج الصوت من قصبة الرئة باعتمادات يفعلها الإنسان في تلك المخارج، ثم هيأ اللسان والشفتين والأسنان لصناعة الحروف حتى لو اختل بعض ذلك اختل النطق، ثم الحروف بعضها حلقية وبعضها فمية وبعضها هوائية، وليس كل حيوان له هذه الآلات، فلم صار الإنسان مخصوصا بالنطق دونهم؟ ومن أعطاه التراكيب التي بها ينطق على ما قال تعالى: ?واختلاف ألسنتكم وألوانكم?[الروم:22].
ويقال لهم: أليس هذه الصور كل واحد من الأعضاء واحد، وقد يكون الجميع من أب وأم واحد فبأي شيء يتميز، ولو سئل كل واحد يصف ما يتميز به كل شخص من شخص لتعذر عليه، فمن هيأ ذلك كذلك إلا العالم بتفاصيل الأشياء، وقادر على ما يشاء.
ويقال: أليس نبات الشعر يختلف نفعه، ففي مواضع يكون جمالا ونفعا، كاللحى والذوائب والحواجب، ولا ينبت في موضع يضر ويقطع المنافع، كداخل العين والفم وكف اليد وداخل الفروج ونحو ذلك، هل يحصل هذا التقدير إلا من عليم قدير.
ويقال لهم: أليس الرحم والنطفة واحدا، والأب والأم واحدا، والغذاء والهواء واحدا، فلم اختلف الأولاد، فمن ذكر وأنثى، ومن تام وناقص، ومن صور مختلفة، منها ما ينمو ومنها ما لا ينمو، فهل يحصل ذلك إلا من حكيم عليم، قال تعالى: ?يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور، أو يزوجهم ذكرانا وإناثا?[الشورى:49-50].
مخ ۵۱