ويقال لهم: أليس الحي عندكم لا بد له من مادة الغذاء لا يعيش إلا به وجوبا، وعندنا عادة، فلا بد من: بلى، فيقال: فهذا البشر إذا صور في الرحم كيف رزق، وكيف غذي، عندكم بدم وليس بغذاء لأحد؟ ثم كيف بقي على هذا مدة؟ وكيف تحرك وخرج في وقت؟ وكيف حول رزقه إلى ثدي أمه؟ وكيف اهتدى إلى ذلك عند انقطاع الغذاء الأول؟ وكيف انتقل إلى غذاء آخر؟، وينقل بأحوال، ثم صور بخلاف سائر الحيوان، وربي على ترتيب وتدريج، أيحصل مثل ذلك من غير قادر وعالم؟، قال تعالى: ?وصوركم فأحسن صوركم?[غافر:64] [التغابن:3].
ويقال لهم: أليس الحواس خمسا، والمحسوسات منقسمة على الحواس حتى لا يبقى محسوس لا يحس أو حاسة لا تحس، وأعد كل حاسة لمحسوس، حتى لو لم تكن له تلك الحاسة يجد لنفسه من النقص ما لا خفاء به، فمن هيأ هذه الحواس لهذه المحسوسات غير القديم العالم سبحانه وتعالى.
ويقال لهم: الحيوانات كلها مشتركة في كونها أحياء وفي كثير من علوم الإلهام، ثم صار الإنسان عاقلا دون سائر الحيوانات، حتى نرى من لا عقل له كالصبيان والمجانين يلحق بالبهائم، ومن كان عاقلا صلح لكل أمر وتدبير، فمن دبرهم كذلك؟ ومن ميز العقلاء، ومن أعقلهم؟.
مخ ۵۰