قلنا: فهل يجوز حصول هذه الصفات بغير هذه المعاني؟.
فإن قال: لا.
قلنا: ففي الأزل على أي صفة كان، فعلى أيها كان لمعنى يوجب تلك الصفة.
وإن قالوا: نحن نقول بإثبات الأعراض وإن الجسم لا يخلو منها ولكن نقول الأعراض قديمة كما إن الأجسام قديمة.
فجوابنا: إن هذا باطل؛ لأن الدليل دل على حدوث المعاني بأن القديم لا يجوز عليه العدم، وأن الأعراض يجوز عليها العدم.
فنقول لهم: إذا سكن الجسم المحترك أو تحرك الساكن، أو كان في جهة فصار في جهة أخرى، فما حال المعنى الأول؟.
فإن قال: هو باق كما كان.
قلنا: فوجب أن يوجب كون المحل متحركا ساكنا، ويكون في جهتين أو يوجب قلب الذات من حيث تخرج العلة عن كونها علة، وهذا فاسد.
فإن قال: ينتقل عنه.
قلنا: الانتقال من صفات الجسم حيث يفرغ مكانا ويشغل مكانا، وإن قال: يعدم عن المحل الأول ثم يوجد. فقد جوز العدم، فإن قال بانتقال غير هذا لا يعقل، وبعد فإذا انتقل مع جواز أن لا ينتقل وجب أن ينتقل لمعنى، وبعد فلا اختصاص له ببعض الأجسام، فلم انتقل إلى بعضها دون بعض.
ويقال لهم: إذا أمر العاقل غيره بفعل حسن، أيحسن في العقل؟ فلا بد من: نعم؛ لأن العقلاء يستحسنونه.
قلنا لهم: الأمر تعلق بإيجاد موجود أو بإيجاد معدوم؟.
فإن قال بالأول أحال، وإن قال بالثاني أبطل قوله، وإنما قلنا إن القديم لا يجوز عليه العدم؛ لأن القديم قديم لنفسه لا يجوز أن يكون لمعنى ولا بالفاعل، وإذا كان قديما لنفسه لم يجز عليه البطلان.
فإن قالوا: نحن نوافقكم في الدعاوي الثلاث، ونقول ليس حكم الجسم حكم الأعراض في الوجود، ونقول لا يخلو من الحوادث إلى ما نهاية له.
مخ ۴۳