فجوابنا: أن هذا باطل؛ لأنا نقول لك: هل يجوز أن يكون جسم لا محتركا ولا ساكنا ولا مجتمعا ولا مفترقا؟.
فإن قال: نعم. كابر العقول، وإن قال لا، قلنا: فإذا لم تخل من هذه الصفات وهذه الصفات لعلل، فلا شك أنها لا تخلو من هذه العلل.
ويقال لهم: أيجوز الآن خلوها من هذه الأكوان.
فإن قالوا: يجوز، كابروا، وإن قالوا: لا. قلنا كذلك فيما مضى.
ويقال لهم: تصور جوهرين لا يخلو إما أن تكون بينهما مسافة أو لا تكون، وهذا نفي وإثبات لا واسطة بينهما، فلا بد من: بلى.
فيقال: أفي الأزل على أي صفة كان، فبأي شيء أجاب لزمه إثبات معنى.
ويقال لهم: أليس الجوهر لا يكون إلا متحيزا؟.
فإن قالوا: بلى.
قلنا: والمتحيز لا بد له من جهة، وإنما يكون في الجهات بالمعاني.
وإن قال: يكون جوهرا، موجود غير متحيز.
قلنا: فيه قلب ذاته؛ لأن التحيز من صفات الذات.
ويقال لهم: إذا حدث الإجتماع والإفتراق فيه بعد خلوه منها فأيهما يسبق إليه؟.
فإن قال: الإجتماع. فكيف يجتمع ما لم يكن مفترقا، وإن قال: الإفتراق.
قلنا: فكيف يفترق ما لم يكن مجتمعا، فلا بد أن يكون في الأزل على إحدى الصفتين.
ويقال لهم: هل كان الجوهر في محاذات في الأزل، فلا بد من: بلى، فيقال: فتلك صفة واجبة له، فوجب أن لا يزول عنه، وفي علمنا بجواز انتقال كل جوهر دليل على فساد ما قالوا.
ويقال له: أيجوز أن يكون جسم لا متحرك ولا ساكن ولا مجتمع ولا مفترق ولا في جهة مع كونه متحيزا؟.
فإن قال: لا، كفينا المهم، وإن قال: نعم.
قلنا: فالواجب فيمن أخبره مخبر بأنه شاهد جسما كذلك أن لا يكذبه.
ويقال له: هل هذه المعاني موجبة لهذه الصفات أم لا؟.
فإن قال: لا، أبطل إثباتها، وإن قال: نعم.
مخ ۴۲