215

تفسير کبير

التفسير الكبير

ژانرونه

قوله عز وجل: { يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهمآ إثم كبير ومنفع للناس وإثمهمآ أكبر من نفعهما }؛ قال ابن عباس: (كان المسلمون يشربون الخمر في بدو الإسلام، وهي لهم حلال، وكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي في اليوم والليلة وقت الصلاة: ألا من كان سكرانا فلا يحضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجماعة؛ تعظيما للجماعة وتوقيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن عمر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: بين لنا أمر الخمر، فإنها مهلكة للمال مذهبة للعقل، فنزلت هذه الآية { يسألونك عن الخمر والميسر }.

وأما الميسر فقد كان جماعة من العرب يجتمعون فيشترون جزورا؛ ثم يجعلون لكل واحد منهم سهما، ثم يقترعون عليها، فمن خرج سهمه برئ من ثمنها وأخذ نصيبه من الجزور وبقي آخرهم عليه ثمن الجزور كله ولا يذوق من لحمها شيئا، فتقتسم أصحابه نصيبه، وربما كانوا يتصدقون بذلك على الفقراء، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله هذه الآية.

والميسر: هو القمار، ويقال للقمار: ميسر، والمقامر الياسر، وقال مقاتل: (سمي ميسرا لأنهم كانوا يقولون: يسروا لنا ثمن الجزور)؛ وذلك أن أهل الثروة من العرب كانوا يشربون جزورا فينحرونها، ويجزئونها أجزاء، قال ابن عمر: (عشرة أجزاء) وقال الأصمعي: (ثمانية وعشرين جزءا) ثم يسهمون عليها بعشرة أقداح ويقال لها الأزلام والأقلام، سبعة منها لها أنصب؛ وهي القذولة نصيب واحد، والتوأم له نصيبان، والرقيب وله ثلاثة، والجليس وله أربعة، والنامس وله خمسة، والمسيل وله ستة، والمعلي وله سبعة. وثلاثة منها لا أنصب لها، وهي المسح والسفيح والوغد، ثم يجعلون القداح في خريطة سميت الربابة، قال أبو ذؤيب:

وكأنهن ربابة وكأنه

يسر يفيض على القداح ويصدع

ويضعون الربابة على يد واحد عدل عندهم ويسمى المجيل والمفيض، ثم يجيلها ويخرج منها قدحا باسم واحد منهم، فأيهم خرج سهمه أخذ نصيبه على قدر ما يخرج، فإن كان خرج له سهم من هذه الثلاثة التي لا أنصب لها، اختلفوا فيه؛ قال بعضهم: كان لا يأخذ شيئا ويغرم ثمن الجزور كله، وقال بعضهم: لا يأخذ شيئا ولا يغرم، ويكون ذلك القدح لغوا فيعاد سهم ثانيا، فهؤلاء الياسرون، ثم يدفعون ذلك الجزور إلى الفقراء ولا يأكلون منه شيئا، وكانوا يفتخرون بذلك ويذمون من لم يفعل منهم ويسمونه البرم .

فهذا أصل القمار التي كانت العرب تفعله، وإنما عنى الله تعالى بالميسر في هذه الآية أنواع القمار كلها، وقال طاووس ومجاهد وعطاء: (كل شيء فيه قمار فهو من الميسر، حتى لعب الصبيان الصغار بالجوز والكعاب).

وعن علي رضي الله عنه قال: (النرد والشطرنج من الميسر). قال القاسم: (كل شيء ألهاك عن ذكر الله وعن الصلاة فهو من الميسر).

قال ابن عباس: (فلما نزلت هذه الآية ترك بعض الناس الخمر، وقالوا: لا حاجة لنا فيما فيه إثم كبير. ولم يتركها بعضهم وقالوا: نأخذ منفعتها ونترك إثمها. وكانوا على ذلك حتى أصاب رجل من الصحابة خمرا فأنشا منها، فحضرت الصلاة فقام يصلي المغرب، فقرأ

قل يأيها الكافرون

ناپیژندل شوی مخ