تفسير الشعراوي

Al-Sharaawi d. 1418 AH
90

تفسير الشعراوي

تفسير الشعراوي

ژانرونه

إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم

[محمد: 7]. ما هي هذه القضية التي يريد الحق سبحانه وتعالى أن ينبهنا إليها في هذه الآيات الكريمة؟ الله سبحانه وتعالى يريد أن نعرف أنه قد وضع في يدنا مفتاح الجنة. ففي يد كل واحد منا مفتاح الطريق الذي يقوده إلى الجنة أو إلى النار، ولذلك إذا وفيت بالعهد أوفى الله، وإذا ذكرت الله ذكرك، وإذا نصرت الله نصرك. والحديث القدسي يقول:

" وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة "

هكذا يريد الحق سبحانه وتعالى أن ينبهنا أن المفتاح في يدنا نحن. فإذا بدأنا بالطاعة، فإن عطاء الله بلا حدود، وإذا تقربنا إلى الله تقرب إلينا، وإذا بعدنا عنه نادانا. هذا هو إيمان الفطرة. هل هذا هو العهد المقصود من الله سبحانه في قوله: { أوفوا بعهدي أوف بعهدكم } [البقرة: 40] أم هو العهد الذي أخذه الله على الأنبياء ليبلغوا أقوامهم بأنهم إذا جاء رسول مصدق لما معهم فلابد أن يؤمنوا به وينصروه؟ فالحق سبحانه وتعالى أخذ على الأنبياء جميعا العهد لرسول الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. أم هو العهد الذي أخذه الله بواسطة موسى عليه السلام على علماء بني إسرائيل الذين تلقوا التوراة ولقنوها وكتبوها وحفظوها، عهد بألا يكتموا منها شيئا.. واقرأ قوله تعالى:

وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه ورآء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون

[آل عمران: 187]. والهدف من هذا العهد ألا يكتموا ما ورد عن الإسلام في التوراة، وألا يخفوا صفات رسول الله صلى الله عليه وسلم التي جاءت بها.. والله سبحانه وتعالى قد أعطى صفات رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة وفي الإنجيل.

. واقرأ قوله تعالى :

ولما جآءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جآءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين

[البقرة: 89]. ولقد جاء القرآن الكريم مصدقا لما نزل من التوراة، وعرف بنو إسرائيل أنفسهم صدق ما نزل في القرآن. ولكنهم كفروا لأن رسول الله لم يكن من قومهم.. وقد كان أهل الكتاب من توراة وإنجيل يعرفون أن رسالة رسول الله هي الرسالة الخاتمة، وأنه لابد أن يؤمن به قوم كل نبي. هل هذا هو العهد الذي يوجب على جميع الأمم الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ونصرته إن أدركوه، وإن لم يدركوه فالمسئولية على أبنائهم وأحفادهم أن ينصروه ويؤمنوا به متى أدركوه. إن كانت هي عهد إيمان الفطرة، أو كانت هي عهد الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم فكلاهما وارد. وقوله تعالى: { أوف بعهدكم } [البقرة: 40] أي بما وعدتكم من جنة النعيم في الآخرة. فالله سبحانه وتعالى بعد نزول الإسلام اختص برحمته الذين آمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام، وكل من لم يؤمن بهذا الدين لا عهد له عند الله. واقرأ قوله تبارك وتعالى عندما أخذت الرجفة موسى وقومه وطلب موسى من الله سبحانه وتعالى الرحمة. قال تعالى:

واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنآ إليك قال عذابي أصيب به من أشآء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبآئث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون

ناپیژندل شوی مخ