تفسير الشعراوي

Al-Sharaawi d. 1418 AH
89

تفسير الشعراوي

تفسير الشعراوي

ژانرونه

" أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله، فمن اتقى أن يجعل معي إلها كان أهلا أن أغفر له "

فالله سبحانه وتعالى واجب العبادة، ولو لم يخلق الجنة والنار.

. ولذلك فإن المؤمنين هم أهل الابتلاء من الله. لماذا؟ لأن الابتلاء منه نعمة. والله سبحانه وتعالى يباهي بعباده ملائكته، ويقول: إنهم يعبدونني لذاتي. فتقول الملائكة: بل يعبدونك لنعمتك عليهم. فيقول سبحانه لهم: سأقبضها عنهم ولا يزالون يحبونني.. ومن عبادي من أحب دعاءهم. فأنا أبتليهم حتى يقولوا يا رب. لأن أصواتهم يحبها الله سبحانه وتعالى. ولذلك إذا ابتلى عبدا في صحته مثلا، وسلب منه نعمة العافية. ترى الجاهل هو الذي ينظر إلى هذا نظرة عدم الرضا. أما المتعمق فينظر إلى قول الله في الحديث القدسي: إن الله عز وجل يقول يوم القيامة:

" يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب وكيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده. أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده "

فلو فقد المؤمن نعمة العافية.. فلا ييأس فإن الله تعالى يريده أن يعيش مع المنعم.. وأنه طوال فترة مرضه في معية الله تعالى. ولذلك حين يقول الحق تبارك وتعالى: { يبني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم } [البقرة: 40] معناها: إن لم تكونوا مؤمنين لذاتي. فاستحيوا أن ترتكبوا المعصية بنعمتي التي أنعمت عليكم. ولقد جاءت النعمة هنا لأن بني إسرائيل يعبدون الله من أجل نعمه. { اذكروا نعمتي } [البقرة: 40] الذكر هو الحفظ من النسيان، لأن روتين الحياة يجعلنا ننسى المسبب للنعم. فالشمس تطلع كل يوم. كم منا يتذكر أنها لا تطلع إلا بإذن الله فيشكره. والمطر ينزل كل فترة من منا يتذكر أن المطر ينزله الله. فيشكره. فالذكر يكون باللسان وبالقلب، والله سبحانه وتعالى غيب مستور عنا، وعظمته أنه مستور. ولكن نعم الله سبحانه تدلنا عليه.. فبالذكر يكون في بالنا دائما، وبنعمه يكون ذكره وشكره دائما. والحق سبحانه وتعالى طلب من بني إسرائيل أن يذكروا النعمة التي أنعمها عليهم فقط. وكان يجب عليهم أن يطيعوا الله فيذكروا المنعم، لأن ذكر الله سبحانه وتعالى يجعلك في ركن ركين لا يصل إليك مكروه ولا شر. إن ذكر الله المنعم يعطينا حركة الحياة في كل شيء. فذكر الله يوجد في القلوب الخشوع. ويقلل من المعاصي وينتفع الناس كل الناس به، ويجعل حركة الحياة مستقيمة. وحين يقول الحق سبحانه وتعالى. { اذكروا نعمتي } [البقرة: 40] معناها اذكروني حتى بالنعمة التي أنعمت عليكم. وقوله تعالى: { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم } [البقرة: 40] العهد هو الميثاق. واقرأ قوله سبحانه وتعالى:

ولقد عهدنآ إلى ءادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما

[طه: 115]. إذن فالعهد أمر موثق بين العبد وربه. ما هو العهد الذي يريد الله من بني إسرائيل أن يوفوا به ليفي الله بعهده لهم؟ نقول: إما أن يكون عهد الفطرة.

وعهد الفطرة كما قلنا أن نؤمن بالله ونشكره على نعمه. وكما قلنا إذا هبط الإنسان في مكان ليس في أحد، ثم نام وقام فوجد مائدة حافلة بالنعم أمامه، ألا يسأل نفسه: من صنع هذا؟ لو أنه فكر قليلا لعرف أنه لابد أن يكون لها من صانع. خصوصا أن الخلق هنا فوق قدرات البشر. فإذا أرسل الله سبحانه وتعالى رسولا يقول إن الله هو الذي خلق وأوجد، ولم يوجد مدع ولا معارض نظرا لأن إيجاد هذه النعم فوق قدرة البشر، تكون القضية محسومة لله سبحانه وتعالى. إذن فذكر الله وشكره واجب بالفطرة السليمة، لا يحتاج إلى تعقيدات وفلسفات، والوفاء بعهد الله أن نعبده ونشكره هو فطرة الإيمان لما أعطاه لنا من نعم على أن الحق سبحانه وتعالى نجده يقول: { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم.. } [البقرة: 40]. وفي آية أخرى:

فاذكروني أذكركم..

[البقرة: 152]. وفي آية ثالثة:

ناپیژندل شوی مخ