218

============================================================

أبو الحن علي بن عمر بن الحسين بن عيسى بن أبي النهي كان فقيها صالحا عابدا زاهدا موصوفا بكمال العبادة، مشهورا بالصلاح، كثير الاعتزال عن الناس، اشتغل في بدايته بشيء من العلم، ثم أقبل على العبادة ولزم مقصورة في جامع مدينة أب، وكان غالب أكله من الأشجار، وكان قبل ذلك قد حصل له عناية من الله تعالى في أيام الصغر، وذلك أنه كان لوالده الفقيه عمر زوجة، وكانت تكره الولد المذكور كثيرا ما تشكو على والده منه وتغريه حتى أوقعت في نفسه عليه شيئا كثيرا، فخرج الفقيه إلى الجامع وأمر درسته بالاجتماع وأخبرهم بفعل الولد وأمرهم بقراعة يس والدعاء عليه. فقال له بعضهم: يا سيدي المصلحة أن تدعو له باهداية فاستصوب الفقيه والجماعة رأيه وقرأوا السورة بهذه النية، ودعوا له باهداية، فاستجاب الله تعالى دعاءهم، وكان ذلك سبب فلاحه، فاشتغل بالعلم ثم بالعبادة كما ذكرنا، وظهرت له كرامات كثيرة، من أعظمها ما رواه الجندي في تاريخه بسند متصل إلى الإمام ابن أبي الصيف، قال: كنا قعودا في الحرم بمكة المشرفة، فسمعنا هاتفا من الجو يقول: إن لله وليا يسمى على بن عمر في الإقليم الأخضر من مخلاف، جعفر مات صلوا عليه قال: فصلينا عليه، ثم أرخت ذلك اليوم حتى أق جماعة من أهل المخلاف للحج، فسألتهم عمن مات في ذلك التاريخ، فقالوا رجل من أهل أب يقال له علي بن عمر، ثم ذكروه بخير فعلمت أنه المعني بذلك النداء، قال الجندي: وتربته من الترب المشهورة بالبركة واستجابة الدعاء، قال: ومن أعجب بركتها ما أخبرني به الثقات، أنه كان على قبره شجرة سدر يأخذ أصحاب الحميات من ورقها يطلون به رؤوسهم فيبرؤون به من الحمى، واستفاض ذلك حتى كان يؤتى لها من الأماكن البعيدة، قال: وكان من عادة أهل أب في غالب الأعياد أن يحصل بينهم وبين أهل باديتهم حروب كثيرة، فحصلت بينهم في بعض الأعياد حرب انتصر فيها أهل البادية على أهل المدينة حتى أدخلوهم البيوت، فقال بعضهم: اقصدوا بنا هذه الشجرة الي يعبدونها، فلنعقرها عليهم، فنهاهم بعض عقلاتهم فلم يقبلوا، وأسرع إليها بعض الجهال وقطعها حتى أوقعها الأرض، فأنف أهل المدينة من

مخ ۲۱۸