============================================================
فقيها، لكن غلبت عليه العبادة والتصوف أيضا، وبنو الذئابي جماعة الغالب عليهم العلم والصلاح، وكان مسكن متقدميهم قرية الذثاب كما ذكرنا، وسكن متأخروهم موضعا يعرف بالضنجوج بضم الضاد المعجمة وسكون النون وضم الجيم الأولى وسكون الواو واخره جيم، وكانت وفاة الفقيه عثمان المذكور على رأس السبعمائة تقريبا رحمه الله تعالى آمين.
أبو عفان عثمان بن أبي القاسم بن أحمد بن إقبال كان فقيها عالما عاملا ورعا زاهدا متقللا من الدنيا غير ملتفت إليها، عرض عليه تدريس المدرسة المنصورية الحنفية بزبيد فلم يقبل، بل كره ذلك كراهة شديدة مع فقره وحاجته، وكانت له كرامات كثيرة. من ذلك ما يروى آنه قدم قريته رجل من أهل العراق، فلما وقع بصره على الفقيه قال لبعض الدرسة: هل ج الفقيه في هذه السنة؟ فقال له: لا، فقال له: والله لقد رأيته يصلي في الحرم الخمسة الأوقات في هذه السنة، ثم أكب على الفقيه يقبله ويسأله الدعاء. ومن ذلك انه اتفق موت رجل من أهل القرية وكان موسرا فكتب مشد الوادي زبيد الى شيخ القرية أن يختم بيت المذكور وينزل أمواله بحضرة اتنين من أهل القرية، وهما من درسة الفقيه عثمان نفع الله به، فارسل لهما الشيخ فوجد بعض رسله واحدا متهم، فطلبه فذهب الى الفقيه واعلمه فقال له: لا تحضر معهم أبدا، فخرج الى الرسول واعتذر منه، فلم يقبل وأراد أن يجره كرها، فخرج جاعة من درسة الفقيه وخلصوه منه، فراح الى الشيخ وقد جرح نفسه بسلاحه يريد أذية الفقيه ودرسته بذلك، فكتب له الى المشد يعلمه بذلك وعظم الأمر على الدرسة، فلما علم المشد غضب غضبا شديدا وخرج هو ومن معه الى القرية يريد البطش بالفقيه ودرسته، وكان خروجه من مدينة زبيد وجه الليل فأمى طول ليلته يسير هو وجنده وما وصلوا القرية ولا عرفوا اليها طريقا مع قربها وكثرة ترددهم فيها ليلا ونهارا، فلما أصبحوا رأوا آثارهم يذهبون ويرجعون من حيث جاءواثم يسيرون الى موضع اخر ويرجعون منه الى الموضع الأول، فعلم 194
مخ ۱۹۴