سوډان
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
ژانرونه
فأعظم ما نسعى ونطمح إليه هو أن نجدد مجد مصر ونعيد بناءها على أساس حديث ونجعلها جديرة بشهرتها القديمة، فتنة لجميع ناظريها رحبة الصدر لجميع زائريها ممتنة لجميع الذين ساعدوها على السير في سبيل التقدم والتجدد، وبهذا نبلغ الغاية المنشودة التي سعى إليها محمد علي الكبير.
إننا قد نلاقي بعض العقبات في سبيلنا، ولكن أية دولة في هذا العالم الذي هو الآن في دور التحول والتبدل تستطيع أن تكون بمعزل عن المصاعب رغم المساعي الخارقة التي يبذلها أعظم رجال الدول الآوربية . فإذا وقع لمصر مثل هذه الأمور فهي ترجو أن ينظروا إليها بعين التساهل، متذكرين أن البداية صعبة في كل شيء، وأن الأمة التي تشعر بواجبها وتتوق إلى تحمل نصيبها من المسئولية؛ لتكون عاملا من عوامل السلم والوفاق، تستحق التشجيع، وتكون جديرة بأن ينظر إليها باحترام. (2-3) مبادئ الإنصاف
ليس من الممكن الحصول على السلم والرخاء إلا على أساس الإنصاف والإخلاص، وهذا المبدأ هو أعز المبادئ لقلب العنصر الإنكلسكوني. أو ليس هذا هو نفس المبدأ الذي بشر به كونفشيوس وبوذا وموسى وعيسى ومحمد؟ إن الطبيعة البشرية واحدة في كل مكان في الشرق والغرب. إن المبدأ البريطاني القائم على الإنصاف هو أسمى ما تدور عليه أحوال الأمل بذلك - فإنني واثق أن منافعه لا تتناول بريطانيا ومصر فقط، بل أستطيع أن أؤكد أن العالم كله يستفيد من تفاهم ودي دائم بين الأمتين؛ لأن مصر تصبح وهي مستقلة مسالمة حلقة اتصال معنوية للوفاق والإخاء الصحيح بين الشرق والغرب. (2-4) تمهيد السبيل للمفاوضات
وهل لي أن أقول على ذكر الإنصاف كم هي الفوائد التي يستفيدها الفريقان اللذان سيجريان المفاوضات بالنيابة عن البلدين لو امتنعت الصحف والجمهور عن المجازفة في إيجاد جو يثير الريب والشكوك وينجم عن النظر إلى أي أمر بنظارة ملونة؟
وبما أنني أعلق اهتماما عظيما على اجتماعنا هذه الليلة، فسأبسط لبني قومي مقاصدكم الشريفة، وأنا واثق بأن مصر كلها تقدر موقف جمعيتكم حق قدره، ويكون جلالة مولاي الملك العظيم أول من يقدر حسن نيتكم وصفاء سريرتكم، ولن يفوت زغلول باشا رئيس حكومتنا أن يلاحظ بسرور عظيم ما جرى من التقدم نحو تحسين التفاهم بين بلدينا.
فعسى أن نحتفل في المستقبل القريب بالتاريخ السعيد الذي تعقد به معاهدة بين إنكلترا ومصر تسجل بها صداقة وسلم دائمان شريفان بين البلدين مؤسسان على الاحترام وحسن النية المتبادلين.
تعرف أن مصر تحتاج إلى صديق مخلص بين الأمم، ونحن موقنون إذا تأكدت صداقة بريطانيا ففي وسع وادي النيل بأسره أن يواجه المستقبل بثقة عظمى. (3) خطبة أخرى لعزيز عزت باشا
وألقى عبد العزيز عزت باشا وزير مصر المفوض خطبة في مأدبة أدبتها له جمعية القطن في منشستر ظهر يوم 4 يونيو سنة 1924 فافتتحها بإبداء الشكر والامتنان للإكرام الذي لقيه من الجمعية بدعوته لزيارة منشستر وقال: «إن جلالة مولاي المعظم المحبوب لا بد أن يقدر الإكرام الذي يقابل به ممثله في إنكلترا حق قدره»، ثم تكلم فيها عن مسألة السودان فقال:
فالمصالح إذن تقرب ما بيننا وهي سياسية واقتصادية معا. فالضرورة تقضي على مصر بأن تزيد إنتاجها من القطن. ويجب أن تكون إنكلترا في حالة تخولها أن تشتري محصولنا، ولكي تبلغ مصر تلك العناية يجب أن لا يعيقها ولا يعرقل سيرها الذين تدخلوا في شأنها وكان تدخلهم - ولا شك - لمساعدتها كما قالوا في وعودهم وعهودهم الصريحة، بل يجب أن يتركوها حرة تتقدم ضمن حدودها الجغرافية الطبيعية التي هي حق لها. وأعني بالحدود الجغرافية الطبيعية وادي النيل كله الذي تتألف منه من منابعه إلى البحر المتوسط وحدة كاملة لا تقبل التجزئة. فالمصلحة الحيوية والجغرافية والاقتصادية والفنية والحربية التي هي جسم عضوي قائم بنفسه تأبى انفصال أي عضو من الأعضاء التي يتألف منها هذا الجسم. وهذه حقيقة يعرفها ويعترف بها جميع رجال الدولة عندكم.
إن مصر لا تطلب شيئا خارجا عن هذه الحدود، ولا تستطيع أن تستغني عن أي عضو من جسمها السياسي أو الاقتصادي.
ناپیژندل شوی مخ