وحده فلما بعد عن المدينة وقف النبي صلى الله عليه وسلم وودع الإمام علي ودعا للامام بدعوات تحجب عنه خلق الأرض والسماوات ثم امر الامام بالمسير، وقال سر بارك الله فيك الله خليفتي عليك (قال الراوي) ثم إن صلى الله عليه وسلم وامر الناس بالرجوع فرجع الناس وسار الامام طالبا بلاد اللعين الهضام وحيدا بنفسه ليس معه من يؤانسه الا الله وكان المنافقون قد خرجوا جميعا عند الوداع وهم يقولون اما ترون هذا علي بن أبي طالب إذ هو تعرض لمرارة الموت لم يبق لهذه الديار يعود وهو فرحون مسرورون يقولون قد فقد علي بن أبي طالب حين صار لمرارة الموت والنبئ صلى الله عليه وسلم والصحابة يدعون للامام بالنصر والتأييد على أعدائه فهذا ما كان من امر المنافقين والنبئ صلى الله عليه وسلم (قال الراوي) واما ما كان من امر الإمام علي كرم الله وجهه فإنه سار واستقام به المسير واسلم نفسه لله عز وجل وانشد شعرا أسير وحدي إلى ما قد أراجيه * إذ كل ما قدر الله من امر ألاقيه لا تكره الموت في بدو ولا حضر * ان يدن منك فكن أنت مدانيه أسير مستلما لله معتمدا * عليه في كل أحوالي أناجيه به الود ومالي عنه من عوض * جل الاله فإني من محبيه سواء ومالي عنه مصطبر * وكيف وكيف عبد يرجي من مراجيه صلى الاله على طه وعترته * ما دام طير على غصن يناجيه (قال الراوي) فبينما الامام سائر وقد غاب عن المدينة وإذا بصائح من وراه ينادي يا أبا الحسن سألتك بالله ورسوله ان تقف لي حتى ألحقك فوقف الامام والتفت ورائه وإذا برجل طويل السواعد عريض المناكب وهو يسرع في خطائه ويرول في مشيه فتأمله الإمام علي رضي الله عنه فإذا هو رجل من أشرار المنافقين يقال له ورقة بن خضيب من أقارب ابن أبي سلول المنافق لعنه الله وكان الملعون يتجسس الاخبار لعدو الله الهضام بن الجحاف ويظهر الاسلام ويكتم النفاق ويريد بذلك انه يظهر برسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه فلم يجد لذلك سبيلا فلما نظر الامام خرج في ذلك اليوم وحيدا فريدا اقبل ذلك الرجل على قومه للمنافقين فرحا مسرورا وقال لهم الان قد بلغت مرادي وبلغت أمنيتي
مخ ۱۲