عدو الله الهضام وأسير إليه راجعا برد الجواب وألاقيه وأسرع له الخطاب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا جميل أصلح الله شأنك فقال يا رسول الله ثم اتى إلى داره وأصلح شانه وشد راحلته واقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وودع من كان حاضرا من المسلمين فقال النبي صلى الله عليه وسلم سر يا جميل وقل لا حول ولا قوة الا بالله العظيم. ثم إن جميل ركب على ناقته وخرج من المدينة وهو عدو الهضام هذا كان من حديث جميل واما ما كان من حديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فإنه أقام في المدينة بقية ذلك اليوم فلما دخل المساء اقبل النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بخبر الذي مضى ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا الحسن أيهما يخرج على مطيتك أم على جوادك بل المطية أصلح فإنها تحمل الزاد وتصير على مشقة السير، وقد جعلت الامر إليك فقال له الامام انا موفق بحفظ الله ومتوكل على الله، ولو جعلت الامر إلي فاني لا أسير من عندك الا رجلا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا الحسن فكيف يكون لك طاقة بحمل الزاد فقال له الإمام علي رضي الله عنه وحق الذي اختارك واصطفاك لا أزال صائما حتى يردني الله إليك سالما.
(قال الراوي) فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الكلام من علي كرم الله وجهه تغرغرت عيناه بالدموع ثم قال اللهم لا تفجعني بفقده ولا تحزني من بعده اللهم انه وديعتي إليك فاحفظه حتى ترده إلي الا سالما يامن لا تخيب عنده الودائع ثم إن الامام عليا رضي الله عنه انصرف إلى منزله وبات الليلة يتحدث مع أولاده فلما أصبح الصباح قام الإمام علي رضي الله عنه فتوضأ وأفرغ آلة حربه وتحزم بمنطقته وتنكب بجحفته وضم أولاده وجعل يقبل هذا مرة وهذا مرة ثم اقبل على فاطمة الزهراء رضي الله عنها وقبلها بين عينيها ثم خرج إلى المسجد وصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم قال يا رسول الله منك القول ومني السمع والطاعة أتأذن لي بالخروج فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لله الامر من قبل ومن بعد فإذا عزمت فتوكل على الله ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما على قدميه ونهض الناس معه ولم يبق أحد الا خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوصي الامام عليا كرم الله وجهه ويحدثه بما يجري به في طريقه والناس يتعجبون من سير الإمام علي
مخ ۱۱