واحدة بالقياس إلى شيء أكثرية (1) وبالقياس إلى شيء آخر متساوية (2). فإن البعد بين الأكثرى والمتساوى أقرب من البعد ما بين الواجب والأقلى. ثم الأكل والمشي إذا قيسا إلى الإرادة ، وفرضت الإرادة حاصلة ، خرجا عن حد الإمكان المتساوى إلى الأكثرى ، وإذا خرجا من ذلك لم يصح (3) البتة أن يقال إنهما اتفقا أو كانا بالبخت وأما إذا لم يضافا إلى الإرادة ونظر إليهما (4) في وقت يتساوى كون (5) الأكل ولا كونه ، فصحيح أن يقال دخلت عليه واتفق (6) أن كان يأكل ، وذلك بالقياس إلى الدخول لا إلى الإرادة. وكذلك قول القائل : صادفته واتفق أن كان يمشى ، ولقيته (7) واتفق أن كان قاعدا ، فإن هذا كله متعارف مقبول ، ومع ذلك صحيح. وبالجملة إذا كان الأمر الكائن في نفسه غير متطلع ولا متوقع إذ ليس دائما ولا أكثريا ، فصالح (8) أن يقال للسبب المؤدى إليه أنه اتفاق أو بخت ، وذلك إذا كان من شأنه أن يؤدى إليه وليس مؤديا إليه (9) لا دائما ولا أكثريا. وأما إذا لم يكن مؤديا إليه (10) البتة ولا موجبا له مثل قعود فلان عند كسوف القمر ، فلا يقال إن قعود فلان اتفق أن كان سببا لكسوف القمر ، بل يصلح أن يقال اتفق إن كان معه ، فيكون القعود لا سببا للكسوف ، بل سببا بالعرض للكون مع الكسوف وليس الكون مع الكسوف هو (11) الكسوف وبالجملة إذا كان الشيء ليس من شأنه أن يؤدى إلى شيء (12) البتة ، فليس سببا اتفاقيا (13) له ، إنما يكون سببا اتفاقيا له إذا كان من شأنه أن يؤدى إليه وليس دائما ولا في أكثر الأمر حتى لو فطن الفاعل بما تجرى عليه (14) حركات الكل وصح أن يريد ويختار لصح أن يجعله غاية.
كما لو فطن الخارج إلى السوق أن الغريم في الطريق لصح أن (15) يجعله غاية وكان حينئذ خارجا عن حد التساوى والأقلى ، لأن خروج العارف بحصول الغريم في جهة مخرجه يؤدى في أكثر الأمر إلى مصادفته ، وأما خروج غير (16) العارف من حيث هو غير عارف فربما ادى وربما لم يؤد وانما يكون اتفاقيا (17) بالقياس الى الخروج لا بشرط (18) زائد ويكون غير اتفاقى (19) بالإضافة إلى خروج بشرط زائد.
مخ ۶۴