فإنه من جنسه وفي مثل حكمه. نعم إذا عورض فصرف (1)، فربما قيل إن انصرافه عن وجهه كائن بالبخت أو بالاتفاق ، وأنت تعلم أن الناس لا يقولون لما يكون كثيرا عن سبب واحد بعينه أو دائما (2) أنه كائن اتفاقا أو بالبخت (3).
وقد بقى لنا ما يكون بالتساوى وما يكون على الأقل ، والأمر مشتبه في الكائن بالتساوى أنه (4) يقال فيه إنه اتفق اتفاقا وكان بالبخت أو لا يقال. قد اشترط (5) متأخر والمشائين أن ما يكون بالاتفاق والبخت فإنما يكون فى الأمور الأقلية الكون عن أسبابها والذي رسم لهم هذا النهج (6) لم يشترط ذلك ، بل اشترط أن لا يكون دائما ولا أكثريا ، وإن ما دعا المتأخرين إلى أن جعلوا الاتفاق متعلقا (7) بالأمور الأقلية دون المتساوية صورة (8) الحال فى الأمور الإرادية. فإن هؤلاء المتأخرين يقولون إن الأكل واللاأكل والمشي واللامشى وما أشبه ذلك هى من الأمور المتساوية الصدور عن مبادئها ، ثم إذا مشى ماش أو أكل آكل بإرادته لم يقل إنه اتفق ذلك. وأما نحن فلا نستصوب زيادة اشتراط (9) على ما اشترطه معلمهم ، ونبين بطلان قولهم بشيء يسير وهو أن الشيء الواحد قد يكون بقياس واعتبار أكثريا ، بل (10) واجبا ، وبقياس آخر واعتبار آخر متساويا ، بل الأقلى إذا اشترطت فيه شرائط واعتبرت أحوال صار واجبا ، مثل أن يشترط أن المادة في كون (11) كف الجنين فضلت عن المصروف منها إلى الأصابع الخمس ، والقوة الإلهية الفائضة في الأجسام صادفت استعدادا تاما في مادة طبيعية لصورة (12) مستحقة ، وهى إذا (13) صادفت ذلك لم تعطلها (14) عنها ، فيجب هناك أن يتخلق إصبع زائدة ، فيكون هذا الباب وإن كان هو (15) أقلى الوجود (16) ونادرا بالقياس إلى الطبيعة الكلية فليس أقليا ونادرا بالقياس إلى الأسباب التي ذكرناها بل هو واجب.
ولعل الاستقصاء في البحث (17) يتبين لنا أن الشيء ما لم يجب أن يوجد من أسبابه ولم يخرج عن طبيعة الإمكان لم يوجد عنها. ولكن بيان هذا وأمثاله مؤخر إلى الفلسفة الأولى. وإذا (18) كان الأمر على هذا فغير بعيد أن تكون طبيعة
مخ ۶۳