المقادير والخلق والكيفيات لأغراض ، بل اتفقت كذلك ، مثلا قالوا : ليست الثنايا حادة لتقطع ، ولا الأضراس (1) عريضة لتطحن ، بل اتفق (2) أن كانت (3) المادة تجتمع على هذه الصورة ، واتفق أن كانت هذه الصورة نافعة في مصالح البقاء (4)، فاستفاد (5) الشخص بذلك بقاء ، وربما (6) اتفق له من آلات النسل نسل (7) لا ليستحفظ (8) به النوع بل اتفاق (9).
فنقول : إن الأمور منها ما هى دائمة ، ومنها ما هى في أكثر الأمر (10)، مثل أن النار في أكثر الأمر تحرق الحطب إذا لاقته ، وأن الخارج من بيته إلى بستانه في أكثر الأمر يصل إليه ، ومنها ما ليس دائما ولا في أكثر الأمر (11)، والأمور التي تكون في أكثر (12) الأمر (13) هى التي لا تكون في أقل الأمر. وكونها (14) إذا كانت لا تخلو إما أن يكون عن اطراد في طبيعة السبب إليها وحده أو لا يكون كذلك. فإن لم يكن كذلك ، فإما أن يحتاج السبب إلى قرين من سبب أو شريك أو زوال مانع أو لا يحتاج ، فإن لم يكن كذلك ولم يحتج السبب إلى قرين ، فليس كونها عن السبب أولى من لا كونها ، إذ ليس في نفس الأمر لا فيه وحده ، ولا فيه وفي مقارن له ، ما يرجح الكون على اللاكون ، فيكون كون هذا الشيء عن الشيء ليس أولى من لا كونه ، فليس كائنا على الأكثر. فإذن إن (15) لم يحتج إلى الشريك المذكور ، فيجب أن يكون مطردا بنفسه إليه إلا أن يعوق عائق ويعارض معارض ولمعارضنه ما تخلف (16) في الأقل. ويجب من ذلك أنه إذا لم يعق عائق ولم يعارض معارض وسلمت طبيعته أن يستمر إلى ما ينحوه ، فحينئذ يكون الفرق بين الدائم والأكثرى أن الدائم لا يعارضه معارض البتة وأن الأكثرى يعارضه معارض (17) هو يتبع (18) ذلك (19). إن الأكثرى بشرط دفع الموانع وإماطة العوارض واجب ، وذلك في الأمور الطبيعية ظاهر وفي الأمور الإرادية أيضا. فإن الإرادة إذا صحت وتمت وواتت (20) الأعضاء للحركة والطاعة ، ولم يقع سبب مانع أو سبب ناقص للعزيمة. وكان المقصود من شأنه أن يوصل إليه فبين (21) أنه يستحيل أن لا يوصل إليه.
وإذا كان الدائم من حيث هو دائم لا يقال إنه كائن بالبخت ، فالأكثرى (22) أيضا لا يقال إنه كائن بالبخت ،
مخ ۶۲