المصورة ، ورام للهيولى صورة مثل صورة المائية أو الهوائية ، أو غير ذلك فما خرج (1) عن النظر في الصورة وظنه أن (2) مستنبط الحديد غير مضطر إلى مراعاة أمر الصورة ظن فاسد. فإن مستنبط الحديد ليس موضوع صناعته (3) هو الحديد ، بل هو غاية في صناعته وموضوعه (4) الأجسام المعدنية التي يكب (5) عليها بالحفر والتذويب. وفعله ذلك هو (6) صورة صناعته ، ثم تحصيل الحديد غاية صناعته ، وهو موضوع لصنائع أخرى أربابها لا يعنيهم (7) مصادقة الحديد عن التصرف فيه بإعطائه صورة أو عرضا.
وقد قام بإزاء هؤلاء طائفة أخرى من الناظرين في علم الطبيعة ، فاستخفوا (8) بالمادة أصلا وقالوا : إنها إنما قصدت في الوجود لتظهر فيها الصورة بآثارها ، وأن المقصود الأول هو الصورة ، وأن من أحاط بالصورة علما فقد استغنى عن الالتفات إلى المادة إلا على سبيل شروع فيما لا يعنيه.
وهؤلاء أيضا مسرفون في جنبة اطراح (9) المادة ، كما أولئك كانوا مسرفين في جنبة اطراح الصورة (10). وبعد تعذر ما يقولونه في علوم الطبيعة (11) على ما أومأنا إليه قبل هذا الفصل ، فقد قنعوا بأن يجهلوا (12) المناسبات التي بين الصور وبين المواد ، إذ ليس (13) كل صورة مساعدة لكل مادة ، ولا كل مادة متمهدة لكل صورة ، بل تحتاج الصورة (14) النوعية الطبيعية في أن تحصل موجودة في الطباع إلى مواد نوعية متخصصة (15) بصور لأجلها ما استتم استعدادها لهذه الصورة (16) إلى وكم من عرض إنما يحصل عن الصورة بحسب مادتها (17) وإذا (18) كان العلم التام الحقيقى هو الإحاطة بالشيء كما هو وما يلزمه ، وكانت ماهية الصورة النوعية أنها مفتقرة إلى مادة معينة أو لازم لوجودها وجود مادة معينة ، فكيف يستكمل علمنا بالصورة ، إذ لم يكن هذا من حالها متحققا عندنا ، أو كيف (19) يكون هذا من حالها متحققا من عندنا ، ونحن لا نلتفت إلى المادة ولا مادة أعم اشتراكا فيها وأبعد عن الصورة (20) من المادة الأولى. وفي علمنا بطبيعتها وأنها بالقوة كل شيء ، نكتسب علما بأن الصورة التي في مثل هذه المادة إما واجب زوالها بخلافة أخرى (21) غيرها أو ممكن غير موثوق به (22). وأى معنى أشرف من هذه (23) المعانى التي من
مخ ۴۷