لا يمكن إلا أن تكون الأرض كرية. والطبيعى (1) يقول إن الأرض جرم (2) بسيط ، فشكله الطبيعى الذي يجب ، طبيعة (3) متشابهة يستحيل (4) ان يكون مختلفا فيه ، فيكون في بعضه زاوية وفي بعضه خط مستقيم ، أو يكون بعضه على ضرب من الانحناء والآخر على خلافه ، فنجد الأول قد أتى بدلائل مأخوذة من مناسبة (5) المقابلات والأوضاع والمحاذيات ، من غير أن تكون محتاجة (6) إلى أن يكون فيها تعرض (7) لقوة (8) طبيعية موجبة فيها لمعنى. وتجد الثاني قد أتى بمقدمات مأخوذة من مقتضى طبيعة الجسم الطبيعى بما هو طبيعى ، والأول (9) أن يكون قد أعطى الإنية ولم يعط العلة (10) والثاني (11) العلة واللمية. والأعداد بما هى أعداد قد توجد في الموجودات الطبيعية ، إذ يوجد فيها واحد وواحد آخر. وكون كل واحد منهما (12) واحد ليس كونه (13) ذاته (14) من ماء أو نار أو أرض أو شجرة (15) أو غير ذلك ، بل الوحدة أمر لازم له خارج عن ماهية. واعتبار ذينك الواحدين من حيث هما في نحو من أنحاء الوجود معا هو صورة الاثنينية في ذلك (16) الوجود ، وكذلك في غير ذلك من الأعداد وهذا هو العدد المعدود.
وقد توجد في (17) الموجودات غير الطبيعية التي سيتضح أن (18) لها إنية وقواما فليس العدد داخلا في العلم الطبيعى ، لأنه لا هو جزء ولا هو نوع من موضوعه ، ولا هو (19) عارض خاص به ، فهويته لا تقتضى تعلقا لا بالطبيعيات (20) ولا بغير الطبيعيات (21). ومعنى التعلق أن يكون وجوده خاصا بما قيل إنه متعلق به مقتضيا إياه ، بل هو مباين لكل واحد منهما بالقوام وبالحد ، ويتعلق إن كان ولا بد بالموجود (22) العام فيكون من الأمور اللازمة له.
فطبيعة العدد بحيث (23) تصلح أن تعقل مجردة عن المادة أصلا ، والنظر فيها من حيث هى طبيعة العدد وما يعرض لها من هذه الجهة نظر مجرد عن المادة ، ثم قد (24) تعرض لها أحوال ينظر فيها الحاسب ، وتلك (25) الأحوال لا تعرض لها إلا وقد وجب تعلقها (26) بالقوام بالمادة ، وإن لم يجب تعلقها بها بالحد ، ولم تكن مما (27) تخصها (28) بمادة معينة
مخ ۴۳