وأما أن توجد برودة، فيحتاج إلى علة، فيشبه أن يكون الجسم الساكن البعيد من الحركة قوى الاستعداد لقبول القوة المبرزة من الأشياء الكاسية للمواد صورها، ويكون ضعيف الاستعداد لقبول الطبيعة المسخنة، بل يحتاج إلى معاون من حرارة مماسة أو حركة، حتى يستعد، فينال من واهب الصور ما يستعد له. وسنطنب فى هذا حين نتكلم فى الفلسفة الأولى.
***
وأما الشبهة المبينة على حال اللمس فيجب أن نقدم لحلها مقدمة، ونقول: إن قولنا إن الرطوبة سهلة القبول والترك هو على سبيل التجور. فإن السهل والصعب يكاد أن يكون من المضاف. وليست الرطوبة من المضاف.
ولكن يجب أن نعلم أن الرطب هو لا مانع له، فى طباعه، ألبتة البتة عن قبول الشكل والانحصار والاتصال؛ وعن رفضه، مع زوال القاسر راجعا إلى الجهة التى له أن يتحرك إليها، والشكل الذى له أن يتشكل بالطبع به.
واليابس هو الذى فى طباعه ممانع، إلا أن فى طباعه إمكان قبول ذلك عند تكلف بجشمه القاسر إياه، فتكون نسبة الرطوبة، من هذا الوجه، ومن حيث هى هكذا، إلى اليبوسة قريبا من نسبة الأمر العدمى إلى الأمر الوجودى. فيكون الإحساس بالرطوبة ليس إلا أن لا يرى مانع ومقاوم.وباليبوسة أن يرى مانع ومقاوم.
فالرطوبة وحدها لا تثبت عند الحس من جهة اللمس وحده جسما، واليبوسة تثبت ذلك.
مخ ۱۸۷