فنهى النبيُّ ﷺ وأصحابُه المُقْرِضَ عن قبول هدية المُقْترض قبل الوفاء؛ لأن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء، فيصير بمنزلة أن يأخذ الألف بهدية ناجزة وأَلْف مؤخَّرة، وهذا ربا.
ولهذا جاز أن يزيده عند الوفاء، ويُهدي له بعد الوفاء؛ لزوال المعنى، ومن لم ينظر إلى المقاصد أجاز وخالف السنة، وهذا بين لمن تدبَّره من غير هوى.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦)﴾ [المدثر: ٦] وهو أن يُهْدي ليُهْدَى إليه أكثر مما أَهْدى، فهذا كلُّه دليل على أن صور العقد غير كافية، فكلّ ما لو شَرَطه في العقد كان عوضًا فاسدًا فقصده فاسد؛ لأنه لو كان صالحًا لما حَرُم اشتراطه؛ لقوله [ﷺ]: "المُسْلِمونَ على شروطِهم إلا شَرْطًا أحلَّ حرامًا أو حرَّم حلالًا" رواه أبو داود (^١).
الوجه الثاني والعشرون: أن أصحابَ النبي ﷺ أجمعوا على تحريم هذه الحيل وإبطالها، وإجماعُهم حجةٌ قاطعة يجب اتباعُها، وليس في ذلك خلاف بين الفقهاء ولا بين سائر المؤمنين الذين هم