مررت بعقرباء صباح اليوم، وكنت رأيتها حينما رجعت من الرياض إلى مكة قبل سنتين؛ وهي أرض واسعة معشبة مطمئنة تسمى الروضة لإعشابها وإزهارها بعد المطر، ورأيت في وسطها شجرة واحدة.
هذه عقرباء، موضع الموقعة الحاطمة التي أدارها خالد في المسلمين على مسيلمة الحنفي ومن تبعه من بني حنيفة وغيرهم. وعطفنا من عقرباء شطر الغرب فدخلنا في واد إلى موضع اسمه جبيلة فيه دور وشجر، وعلى جانب الوادي فجوات في مكان عال، قيل إنها قبور الصحابة الذي استشهدوا في عقرباء كشف السيل عنها، وفي شعب من الوادي شطر اليمين قبور أخرى.
مهما يشك الإنسان في أن القبور التي رآها في جبيلة هي قبور الصحابة أو غيرهم، فلا ريب أن شهداء عقرباء دفنوا في هذا الموضع القريب منها. وحدثني من أثق به أن قبر زيد بن الخطاب كان معروفا هناك يزار حتى هدمه الوهابيون، وزيد أخو عمر من شهداء عقرباء وقد دفن مع غيره من الشهداء.
لا أريد أن أذكر الوقعة؛ مقدماتها ونتائجها، ولكن أذكر المجاهدين الذين كفل لهم إيمانهم وتوكلهم النصر حيثما توجهوا، فهم في عقرباء على بعد الديار وشط المزار يبطلون باطل مسيلمة على تمكنه في دياره، واعتزازه بقومه وأنصاره.
يقال: إن في عقرباء استشهد سبعون من حفاظ القرآن، فهذا القرآن آتى المسلمين النصر، وبهذا القرآن ثبتت القلوب واجتمعت الكلمة، وعملت الأيدي والسيوف، وصبرت الأبدان والنفوس.
الإثنين 9 شوال/24 يوليو
البداوة والحضارة
رحم الله أبا الطيب؛ يقول:
ما أوجه الحضر المستحسنات به
كأوجه البدويات الرعابيب
ناپیژندل شوی مخ