** ما يلزم المكلف معرفته في هذا الباب
ثم إنه رحمه الله أورد في آخر الفصل ما يلزم المكلف معرفته في هذا الباب.
وجملة القول في ذلك ، أنه يجب أن يعلم أنه تعالى كان حيا فيما لم يزل ، ويكون حيا فيما لا يزال ، ولا يجوز خروجه عنها بحال من الأحوال ، لا بموت ، ولا بما يجري مجرى ذلك.
ولا تحتاج في هذا الباب إلا ما احتجت إليه في باب كونه قادرا ، نحو أن تعلم أنه قادر على جميع أجناس المقدورات من كل جنس إلى ما لا يتناهى ، ولا إلى ما احتجت إليه في باب كونه عالما ، نحو أن يعلم كونه عالما جميع المعلومات على سائر الوجوه التي يصح أن يعلم كونه عليها ، لأن ذلك فرع التعلق وهذه الصفة غير متعلقة.
أما الذي يدل على أنه كان حيا فيما لم يزل ، فهو أنه لو لم يكن حيا وحصل حيا بعد إذ لم يكن لوجب أن يكون حيا بحياة محدثة ، وسنبطل القول فيه إن شاء الله تعالى. وليس لقائل أن يقول أليس أنه تعالى حصل مدركا بعد أن لم يكن ، ولم يجب أن يكون مدركا بإدراك محدث ، فهلا جاز مثله في مسألتنا. لأنا قد أجبنا عن هذا في الفصل المتقدم.
وأما الذي يدل على أنه تعالى يكون حيا فيما لا يزال ، فهو أنه يستحق هذه الصفة لذاته ، والموصوف بصفة من صفات الذات لا يجوز خروجه عنها بحال من الأحوال ، فعلى هذا يجب القول في هذا الفصل.
** فصل والغرض به الكلام في كونه تعالى سميعا بصيرا مدركا للمدركات
وقبل الشروع في هذه المسألة لا بد أن نبين حقيقة السميع والبصير والسامع والمبصر والمدرك والفرق بينها.
أما السميع البصير ، فهو المختص بحال لكونه عليها يصح أن يسمع المسموع ويبصر المبصر إذا وجدا.
وأما السامع والمبصر فهو أن يسمع المسموع ويبصر المبصر في الحال ، وكذلك المدرك. ولهذا قلنا إن الله تعالى كان سميعا بصيرا فيما لم يزل ولم نقل إنه سامع مبصر فيما لم يزل لفقد المسموع والمبصر. وعلى هذا قول شيخنا أبي علي أن السامع والمبصر متعد ، والسميع والبصير غير متعد.
مخ ۱۰۸