لكنه يدل باستلزامه ... على اجتزاء فاعلي أحكامه.
إن كان ذا قيد وإن منه خلا ... وقول بعض لا يدل أبطلا .
أي يدل الأمر دلالة التزام على أن فاعل المأمور به يجزئه ذلك الفعل، ويكون به ممتثلا، ويتحقق بفعله ذلك أن ليس عليه قضاء بعد ذلك، سواء في هذه الدلالة كان الأمر مقيدا بأحد القيود المتقدم ذكرها، أو خاليا عنها؛ لأن الأجزاء، إنما هو ثمرة الأمر ونتيجته، مع قطع النظر عن كونه مطلقا أو مقيدا، هذا مذهب الأكثر من العلماء، وصححه البدر -رحمه الله تعالى -، وقال بعده وهو مبني على قول من قال: إن القضاء بأمر مجدد، أي: أن القول بأن الأمر يستلزم سقوط القضاء، مبني على أن القضاء بأمر ثان هو غير الأمر الذي وجب به الأداء، كما حققناه آنفا، وأقول أن في كونه مبنيا على ذلك، نظرا لا يخفى على متأمل، ووجهه أن القول بأن الأمر يستلزم سقوط القضاء، معناه: أن العبد إذا امتثل ما أمر به على الوجه المطلوب منه، علم بذلك الامتثال، أن ليس عليه بعده قضاء، وأن وجوب القضاء؛ إنما هو مترتب على عدم امتثال الأمر الأول، سواء كان عدم الامتثال بعذر أو بغير عذر، فوجوب القضاء؛ إنما هو مترتب على ذلك عند القائلين بأنه وجب بأمر ثان، وعند القائلين بأن وجوبه بالأمر الأول، فأما وجه ترتب القضاء على القول بأنه وجب بالأمر الأول فظاهر، وأما وجه ترتبه على القول بأنه وجب بأمر ثان، فهو أن القائلين بأن القضاء وجب بأمر ثان، معترفون بأن القضاء، إنما هو فعل الفرض بعد وقته المقدر له، استدراكا لما فات أو فوت في الوقت، فذلك الفائت أو المفوت، سبب لوجوب هذا القضاء، وإن كان القضاء بأمر ثان والله أعلم.
وذهب القاضي عبد الجبار: إلى أن الأمر لا يستلزم الإجزاء، ونسب البدر -رحمه الله - هذا القول إلى بعض المتكلمين، وهو قول ضعيف جدا، كما سنوقفك على ضعفه إن شاء الله تعالى، ولذا قلت في النظم: وقول بعض لا يدل أبطلا، أي وأبطل قول بعض المتكلمين، با
مخ ۵۳