أي محل بحث أصول الفقه، بمعنى موضوعه هو الأدلة الشرعية من حيث إثباتها الأحكام الشرعية، والأحكام الشرعية من حيث ثبوتها بالأدلة الشرعية، فالدليل في قول المصنف إنما هو الدليل الشرعي، وال فيه للعهد الذهني، وكذا القول في الحكم، ولا بد من مراعاة حيثيته، إثبات الدليل للحكم وحيثية ثبوت الحكم من الدليل لأن البحث في هذا الفن إنما هو في أحوال الأدلة التي يثبت بها الحكم، وفي أحوال الأحكام التي تثبت بالأدلة لا في نفس الأدلة والأحكام كما هو ظاهر كلام صاحب الأحكام، حيث جعل موضوع أصول الفقه الأدلة والأحكام، ولا الأدلة نفسها كما هو ظاهر كلام بعضهم، حيث جعل موضوع أصول الفقه الأدلة الكلية السمعية، أما صاحب الأحكام فقد فاته قيد حيثيته الإثبات والثبوت، ولابد من اعتبارها لما علمت، وأما الآخر فقد فاته مع تلك الحيثية الركن الآخر من موضوع أصول الفقه، وهو أحوال الأحكام الشرعية، وأدخل في موضوع الأصول ما ليس منه وهو بعض الأدلة الإجمالية الكلية السمعية، فإن بعض الأدلة الإجمالية الكلية السمعية داخل في موضوع أصول الفقه لا جميعها، وذلك الداخل هو الأدلة هو الأدلة الشرعية، وبقيت أدلة سمعية غير شرعية كأدلة العربية في جميع فنونها، وإذا ظهر لك أن موضوع أصول الفقه هو ما ذكرناه من أنه الأدلة الشرعية من حيث إثباتها الأحكام الشرعية، والأحكام الشرعية من حيث ثبوتها بالأدلة الشرعية، فاعلم أنا قد وضعنا كتابنا هذا على قسمين، كل قسم منهما في ركن من أركان الموضوع، القسم الأول: الأدلة الشرعية باعتبار حيثية الإثبات، والقسم الثاني: في الحكام الشرعية باعتبار حيثية الثبوت أيضا، ولما كان بعض الأمور يتوقف عليها معرفة الفن، وبعضها يتوقف عليها معرفة الإثبات والثبوت، وضعنا للأول هذه المقدمة، ووضعنا للثاني خاتمة الكتاب، ولما كان كل مطلوب إنما يطلب لحصول فائدته، وهي غايته التي ينتهي الطالب إليها علمنا أنه لا بد من بيان فائدة هذا الفن ترغيبا للطالب فلذلك قلنا:
ومنتهاه من له قد علما ... يعرف حكم الله فيما حكما.
فينتهي إلى سعادة الأبد ... إلى مقام ليس بعده أمد.
مخ ۲۴