و(غابر الدهر): ماضي الدهر، وهو ها هنا نقيض الباقي، وقد يكون الغابر هو المستقبل الداخل، فهذا الحرف من الأضداد.
(كلا): حرف يتضمن معنى القسم، وقد يقع للردع والتهديد إذا تعقبه حرف النفي نحو قوله تعالى: {كلا لا وزر(11)}[القيامة].
قوله: (ولا يدخل تحت الإمكان): إستعارة، لأنه من ظروف المكان،
فمعناه لا يمكن -ذلك- خروجه عن هذه الأحوال بحال، ومعنى ذلك أن الجسم لم يخل من هذه الحوادث التي تقدم ذكرها وهي الإجتماع والإفتراق، والحركة والسكون، وقد تقدمت الدلالة على أنها حوادث.
[الدليل على أن الجسم لا يخلو من الأحوال]
والدليل على أن الجسم لا يخلو منها: أنا لا نعقلها
موجودة([59]) إلا وهي إما مجتمعة، أو مفترقة، أو متحركة، أو ساكنة، وما حضر منها أو غاب فلا فرق في ذلك، بدلالة أن مخبرا لو أخبرنا أنه شاهد في بعض البلدان القاصية، أجساما غير متحركة ولا ساكنة، ولا مجتمعة ولا متفرقة، لبادر العقلاء إلى تكذيبه، من غير توقف في أمره، إذ لا يعقل وجودها إلا في جهة، ولا يوجد في الجهة معقولا إلا على أحد هذه الأحوال، وما لا ينافيه كحركة وإجتماع، أو سكون وافتراق.
[الأدلة العقلية والنقلية على صحة ماتقدم وما يأتي]
[9]
دل على صحة ما أقول.... الفكر والتدبير والعقول
والسمع إذ جاء به التنزيل.... وما أتى بشرحه الرسول
منبها عن وسنة الإغفال
قد تقدم تفسير الدلالة.
و(الصحة): نقيض الإستحالة، تقول: هذا الأمر يصح، وهذا يستحيل، والمراد بالصحة هاهنا: الصدق، مأخوذ من صحة الخبر.
و(الفكر): معروف يعلمه الإنسان من نفسه، وهو نظر القلب.
و(التدبير): هو التمييز وقياس بعض الأمور ببعض.
مخ ۹۳